كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 5)

واعتذروا عن حديث ثمامة بأوجه:
منها: أن ذلك كان متقدمًا على الآية -وفيه نظر- فإنه في سنة ست، والآية كانت سنة تسع.
ومنها: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان قد علم بإسلامه.
ومنها: أنها قصة في حين قال القرطبي: ويمكن أن يقال: إنه - صلى الله عليه وسلم - إنما ربط ثمامة في المسجد؛ لينظر حسن صلاة المسلمين واجتماعهم عليها وحسن آدابهم في جلوسهم في المسجد فيأنس بذلك، وكذلك كان (¬1).
ويوضحه حديث عثمان بن أبي العاصي في "صحيح ابن خزيمة" أن وفد ثقيف لما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنزلهم المسجد ليكون أرق لقلوبهم (¬2).
وقال جبير فيما ذكره أحمد: دخلت المسجد والنبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي المغرب فقرأ بالطور، فكأنما صدع قلبي حين سمعت القرآن (¬3). قال: ويمكن أن يقال أيضًا: إنهم لم يكن لهم موضع ربط يربط فيه إلا المسجد.
سادسها: قوله (فقال: "أطلقوا ثمامة") سبب إطلاقه أنه قال له ثلاثة أيام: "ما عندك يا ثمامة؟ " -كما يأتي في المغازي (¬4) - قال: عندي يا محمد خير، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن
¬__________
= "التلخيص" 1/ 140: وضعف جماعة هذا الحديث، بأن راويه أفلت بن خليفة، مجهول الحال. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (32).
(¬1) "المفهم" 3/ 584.
(¬2) "صحيح ابن خزيمة" 2/ 285 (1328)، ورواه أيضًا أبو داود (3026)، وأحمد 4/ 218. وقال الألباني: إسناده ضعيف فيه عنعنة الحسن، وهو البصري.
(¬3) أحمد 4/ 83، وتقدم تخريجه من البخاري (3050) دون قوله: فكأنما صُدع عن قلبي ..
(¬4) سيأتي برقم (4372) باب: وفد بني حنيفة.

الصفحة 598