كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 5)
كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فعند ذلك أمر بإطلاقه، ففيه: جواز اللين على الأسير، وهو مذهبنا ومذهب الجمهور (¬1).
وادعى ابن الجوزي أنه لم يسلم تحت الأسر لعزة نفسه، وكأن - صلى الله عليه وسلم - أحس منه بذلك فقال: "أطلقوه" فلما أطلق أسلم، ورواية ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحهما" بزيادة: إذ فيهما فمر - صلى الله عليه وسلم - يومًا فأسلم فحله وبعث به إلى حائط أبي طلحة، فأمره أن يغتسل، فاغتسل وصلى ركعتين، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لقد حسن إسلام أخيكم" (¬2). ورواه ابن الجوزي أيضا كذلك.
سابعها:
قوله: (فانطلق إلى نجل) كذا الرواية هنا، وفي مسلم وغيرهما بالنون والخاء المعجمة، أي: انطلق إلى نخيل فيه ماء، وزعم ابن دريد أنه بالجيم، وهو الماء القليل المنبعث، وقيل: الجاري.
وعن عائشة رضي الله عنها أن بطحان وهو -واد بالمدينة يجري نجلًا (¬3). أي: نزًّا فيمكن أن يكون مضى لذلك المكان، وفي رواية: أنه ذهب إلى المصانع فغسل ثيابه، واغتسل (¬4).
ولا شك أن الكافر إذا أراد الإسلام بادر به، ولا يؤخره للاغتسال، ولا يحل لأحد أن يأذن له في تأخيره، بل يبادر به ثم يغتسل. ورواية
¬__________
(¬1) انظر: "شرح السير الكبير" 3/ 1029، "أحكام القرآن" لابن العربي 4/ 1898، "أحكام القرآن" للشافعي 2/ 199 - 200.
(¬2) ابن خزيمة 1/ 125 (253)، وابن حبان 4/ 41 - 42 (1238).
(¬3) "صحيح البخاري" برقم (1889)، أبواب: فضائل المدينة، باب: كراهية النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تعرى المدينة.
(¬4) ذكرها ابن عبد البر في "الاستيعاب" 1/ 288.
الصفحة 599
644