كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 5)

البخاري أنه تشهد بعد الغسل محمولة على أنه أظهر ذلك، وقد أسلفنا أنه أسلم قبله.
ومذهبنا أن اغتساله واجب إن كان عليه جنابة في شركه سواء اغتسل منها أم لا، وأبعد بعض أصحابنا، فقال: إن كان اغتسل أجزأه، وإلا وجب.
وأبعد منه قول بعض أصحابنا وبعض المالكية: لا غسل عليه، ويسقط حكم الجنابة بالإسلام كما تسقط الذنوب، وهو منقوض بالوضوء، وأنه لازم إجماعًا هذا كله إذا كان أجنب في كفره، وإلا فهو مستحب، وقاله مالك (¬1).
قال القرطبي: وهذا الحديث دال على أن الغسل في حق الكافر كان مشروعًا عندهم معروفًا، ألا ترى أنه لم يحتج في ذلك إلى من يأمره به، ولا لمن نبهه عليه.
قلت: قد سلف صريحًا أنه أمره به قال: والمشهور من قول مالك أنه إنما يغتسل لكونه جنبًا، قال: ومن أصحابنا من قال: يغتسل للنظافة واستحبه ابن القاسم ولمالك قول: إنه لا يعرف الغسل (¬2).
وقال أحمد وأبو ثور: يلزمه الغسل لهذا الحديث ولحديث قيس بن [أبي] (¬3) عاصم في الترمذي محسنًا (¬4)، وصححه ابن خريمة (¬5)، وعند
¬__________
(¬1) "إكمال المعلم" 6/ 98 - 99.
(¬2) "المفهم" 3/ 586.
(¬3) هكذا في الأصل، والصواب قيس بن عاصم، وهو ابن سنان بن خالد بن منقر، التميمي المنقري، وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - في وفد بني تميم، وأسلم سنة تسع، وكان عاقلًا حليمًا سمحًا جوادًا. انظر: "الاستيعاب" 3/ 453 - 355 (2164)، "أسد الغابة" 4/ 432 - 434 (4364)، "الإصابة" 3/ 252 - 253 (7194).
(¬4) "سنن الترمذي" (605).
(¬5) "صحيح ابن خزيمة" 1/ 126 (254، 255).

الصفحة 600