كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 5)

وللكون فيه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان فيه غالبًا إلا إنه لما كان يؤدي ذلك إلى اتخاذ المسجد طريقًا، وكانت الكلاب تقبل وتدبر وتبول فيه، كما أخرجه أبو داود بإسناده الصحيح (¬1)، أمر - صلى الله عليه وسلم - بسد كل خوخة كانت هنالك واستثنى خوخة الصديق إكرامًا له، وخصوصية به؛ لأنهما كانا لا يفترقان غالبًا.
عاشرها:
استدل بهذا الحديث على إمامة الصديق، واستخلافه بعده؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج من باب بيته، وهو في المسجد للصلاة، فلما أن غلَّق الأبواب إلا باب أبي بكر دل على أنه يخرج إليه منه للصلاة، فكأنه - صلى الله عليه وسلم - نبه على أنه من بعده يفعل هكذا، وحديث ابن عباس أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بسد الأبواب إلا باب علي، استغربه الترمذي (¬2)
وقال البخاري: حديث "إلا باب أبي بكر" أصح (¬3)، وقال الحاكم: تفرد به مسكين بن بكير الحراني، عن شعبة، قال ابن عساكر: وهو وَهَمٌ.
قلت: قد تابعه إبراهيم بن المختار.
وعند ابن عدي مضعفًا عن أنس قال بعض الناس: سد الأبواب إلا باب أبي بكر، فقال: "إني رأيت على أبوابهم ظلمة، وعلى باب أبي بكر نورًا". قال: فكانت الأخيرة أعظم عليهم من الأولى (¬4).
¬__________
(¬1) علقه البخاري (174) كتاب: الوضوء، باب: الماء الذي يغسل به شعر الإنسان، ورواه أبو داود (382)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (408).
(¬2) الترمذي (3732) وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه عن شعبة بهذا الإسناد إلا من هذا الوجه.
(¬3) "التاريخ الكبير" 2/ 68.
(¬4) "الكامل" لابن عدي 5/ 343.

الصفحة 620