والنطفة: جمعها نطف، وكل منى نطفة، والعلقة: الدم الجامد الغليظ؛ سميت بذلك لرطوبتها وتعلقها بما تمر به، والمضغة: قطعة لحم قدر ما يمضغه الماضغ.
وفقه الحديث:
أن الله تعالى علم أحوال خلقه قبل خلقهم، ووقت أرزاقهم وآجالهم وسعادتهم وشقاوتهم، فأراد البخاري بهذا التبويب معنى ما روي عن علقمة: إذا وقعت النطفة في الرحم قال الملك: مخلقة أو غير مخلقة، فإن قال: غير مخلقة مجَّت الرحم دما، وإن قال: مخلقة، قال: أذكر أم أنثى؟
ويحتمل أن يكون المراد ما فسره في الحديث: إذا أراد خلقه قال: مخلقة، وإن لم يرد قال: غير مخلقة.
ويحتمل أن يكون أراد الآية الكريمة {مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} [الحج: 5]، والحديث عليها، ويحتمل أن يكون المراد بالآية أنها تكون غير مخلقة في الحالة الثانية، ثم تخلق بعد ذلك، والواو لا توجب ترتيبًا.
وغرض البخاري بهذا الباب -والله تعالى أعلم- أن الحامل لا تحيض، وهو قول أبي حنيفة (والكوفيين) (¬1) والأوزاعي وأحد قولي الشافعي (¬2)؛ لأن اشتمال الرحم على الولد يمنع الخروج.
وقال مالك، والشافعي في أظهر قوليه أنها تحيض (¬3)، وحكي عن
¬__________
(¬1) ذكرت في الأصل: الكوفي، ولعل المثبت هو المناسب للسياق.
(¬2) انظر: "المبسوط" 2/ 20، "التمهيد" 16/ 87، "روضة الطالبين" 8/ 375، "المغني" 1/ 443 - 444.
(¬3) انظر: "التمهيد" 16/ 87، "روضة الطالبين" 8/ 375.