كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 5)

ثم اعلم أنه ثبت في "الصحيح" من حديث ابن مسعود: "إِنَّ خلق أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويكتب رِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ" (¬1).
وظاهره أن إرسال الملك بعد الأربعين الرابعة، وفي رواية: "يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين أو خمسة وأربعين ليلة، فيقول: يا رب أشقي أم سعيد؟ ".
وفي أخرى: "إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة، بعث الله إليها ملكًا، فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها" (¬2).
وفي رواية حذيفة بن أسيد: "إن النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة ثم (يتسور) (¬3) عليها الملك" (¬4). وفي أخرى: "أن ملكًا وكل بالرحم إذا أراد الله أن يخلق شيئًا يأذن له لبضع وأربعين ليلة" (¬5).
وجمع العلماء بين ذلك أن الملائكة لازمة ومراعية بحال النطفة في أوقاتها؛ فإنه يقول: يا رب هذِه نطفة، هذِه علقة، هذِه مضغة في أوقاتها، وكل وقت يقول فيه ما صارت إليه بأمر الله تعالى وهو أعلم.
¬__________
(¬1) سيأتي برقم (3208) كتاب: بدء الخلق، ذكر الملائكة، ومسلم (2643) كتاب: القدر، باب: كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته.
(¬2) مسلم (2645) كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي ...
(¬3) في "صحيح مسلم" يتصور بالصاد المهملة، وقال الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي:
هكذا في جميع نسخ بلادنا، يتصور بالصاد. وذكر القاضي عياض: يتسور بالسين. اهـ 4/ 2038.
(¬4) مسلم (2645) كتاب: القدر، باب: كيفية خلق الآدمي ....
(¬5) تقدم تخريجه.

الصفحة 97