كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 5)

وَسَلَّمَ. فَدَعَا بِإِنَاءٍ، فَأَكْفَأَ مِنْهَا عَلَى يَدَيهِ، فَغَسَلَهُمَا ثَلاثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَاسْتَخْرَجَهَا. فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ. فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثًا. ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَاسْتَخْرَجَهَا فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا،
ــ
وسلم) أي وضوءًا مثل وضوئه صلى الله عليه وسلم، قالوا: المعلم للوضوء إذا نوى به رفع الحدث أجزأه وإلا لم يجزئ عند من يشترط النية وكذلك المتعلم اهـ مفهم (فدعا) أي طلب عبد الله بن زيد (بإناء) فيه ماء فأُتِيَ به (فأكفأ) أي أفرغ الماء وصبه (منها) أي من الإناء وأنث الضمير نظرًا إلى كونه بمعنى المِطْهَرة أو الإداوة، وفي بعض النسخ منه وهي أوضح (على يديه) أي على كفيه (فغسلهما) أي غسل الكفين غسلات (ثلاثًا) منصوب على المصدرية لأنه صفة لمصدر محذوف وذكره لأن المعدود مؤنث وفيه استحباب تقديم غسل الكفين قبل غمسهما في الإناء، قال القرطبي: وفي قوله (فغسلهما ثلاثًا) حجة لأشهب في اختياره في غسلهما الإفراغ عليهما معًا، وقد روى ابن القاسم عن مالك أنه استحب أن يُفرغ على يده اليمنى فيغسلها ثم يدخلها ويصب بها على اليسرى محتجًا بقوله في الموطإ في هذا الحديث "فأفرغ على يديه وغسلهما مرتين مرتين" وقد يكون منشأ الخلاف في هذا الإفراغ الخلاف في غسلهما هل هو عبادة فيغسل كل عضو منهما بانفراده كسائر الأعضاء أو هو للنظافة فتغسلان مجموعتين (ثم أدخل يده) اليمنى في الإناء (فاستخرجها فمضمض واستنشق من كفٍّ واحدة) أي من غَرْفَةٍ واحدة (ففعل ذلك) المذكور من المضمضة والاستنشاق من كف واحدة (ثلاثًا) من المرات، والحكمة في تقديمهما اختبار طعم الماء بالفم والرائحة بالأنف وأما اللون فمشاهد، والمعنى أي جمع بين المضمضة والاستنشاق في كف واحدة وفعل ذلك ثلاثًا من ثلاث غرفات كما بينه في رواية ابن وهب فإنه قال: فمضمض واستنشق من ثلاث غرفات.
وقد اختُلِفَ في الأولى من ذلك عند مالك والشافعي فقيل الأولى عندهما جمعهما في غرفة واحدة والإتيان بهما كذلك في ثلاث غرفات، وقيل بل الأولى عندهما إفراد كل واحدة منهما متفرقين بثلاث غرفات ويشهد للأول رواية ابن وهب والثاني ما في كتاب أبي داود من قوله: "فرأيته يفصل بين المضمضة والاستنشاق" (ثم أدخل يده) اليمنى في الإناء (فاستخرجها) من الإناء فأفرغ منها على اليسرى (فغسل وجهه ثلاثًا) من المرات كذا في البخاري، وفي رواية أخرى عنه (فأدخل يديه فاغترف بهما) قال بعضهم

الصفحة 222