كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 5)

سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ. فَدَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَتَوَضَّأَ عِنْدَهَا. فَقَالتْ: يَا عَبْدَ الرَّحْمنِ، أَسْبغِ الْوُضُوءَ. فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "وَيلٌ للأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ"
ــ
(سعد بن أبي وقاص) مالك بن أهيب الزهري المدني، وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون واثنان مصريان أو مصري وأيلي (فدخل) عليها أخوها (عبد الرحمن بن أبي بكر) الصديق (فتوضأ عندها) مستعجلا (فقالت) عائشة له (يا عبد الرحمن أسبغ الوضوء) وأكمله بغسل جميع محل الفرض (فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ويل) أي هلاك (لـ) أصحاب ا (لأعقاب من النار) الأخروية، فتواعدها بالنار لعدم طهارتها ولو كان المسح كافيا لما تواعد من ترك غسل عقبيه، وقد صح من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا قال: "يا رسول الله كيف الطهور فدعا بماء فغسل كفيه ثلاثًا إلى أن قال ثم غسل رجليه ثلاثًا ثم قال هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم" هذا حديث صحيح أخرجه أبو داود وغيره بأسانيدهم الصحيحة والله أعلم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٦/ ٨١ و ٨٤ و ٩٩ و ١٩٢].
قولها (أسبغ الوضوء) قال الأبي: الإسباغ لغة: الإكمال، وعُرفا: الإتيان بالقدر المطلوب إن تحقق الإتيان بلا توقف على غيره أو بما يتحقق به إن توقف على غيره كغسل جزء من الرأس ليتحقق غسل الوجه، قوله (ويل) قال القاضي: ويل كلمة تقال لمن وقع في مَهْلُكَة وقيل لمن وقع فيها ولا يستحقها وقيل هي المهلكة وقيل المشقة وقيل الحزن وقيل واد في جهنم.
وعبارة المفهم هنا: قوله (ويل للأعقاب من النار) ويل كلمة عذاب وقُبُوحٍ وهلاك مثل ويح وعن أبي سعيد الخدري وعطاء بن يسار: هو واد في جهنم لو وضعت فيه الجبال لذابت من حره، وقال ابن مسعود: هو صديد أهل النار، ويقال ويل لزيد وويلًا له بالرفع على الابتداء والنصب على إضمار الفعل فإن أضفته لم يكن إلا النصب لأنك لو رفعته لم يكن له خبر (والأعقاب) جمع عَقِب بكسر القاف وسكونها وهو مؤخر القدم وهو ما يصيب الأرض إلى موضع الشراك وعقب كل شيء آخره، قوله (من النار) قال القاضي: المعذب أصحاب الأعقاب فالكلام على حذف مضاف كما قدرنا، وقال الداوودي: المعذَّب العقب من كل الرِّجْل لأن مواضع الوضوء لا تمسها النار كما جاء

الصفحة 243