كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 5)

قَالُوا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّهُ رَأَى قَومًا يَتَوَضَّؤُونَ مِنَ الْمِطْهَرَةِ. فَقَال: أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِم صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "ويل لِلْعَرَاقِيبِ مِنَ النَّارِ"
ــ
ثقة حافظ من (١٠) مات سنة (٢٤٨) روى عنه في (١٠) أبواب تقريبًا، وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه (قالوا: حدَّثنا وكيع) بن الجراح بن مليح بوزن فصيح الرؤاسي بضم الراء أبو سفيان الكوفيّ ثقة حافظ من (٩) مات سنة (١٩٦) روى عنه في (١٩) بابا (عن شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي مولاهم أبي بسطام البصري إمام الأئمة وهو أول من تكلم في رجال الحديث ثقة حافظ متقن من (٧) مات سنة (١٦٠) روى عنه في (٣٠) بابا (عن محمَّد بن زياد) الجمحي المدني (عن أبي هريرة) الدوسي المدني، وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مدنيان وواحد بصري واثنان كوفيان أو كوفي وبغلاني، وغرضه بسوقه بيان متابعة شعبة للربيع بن مسلم في رواية هذا الحديث عن محمَّد بن زياد، وفائدتها تقوية السند الأوَّل لأنَّ شعبة أوثق من الرَّبيع، وكرر متن الحديث لما بين الروايتين من المخالفة.
(أنَّه) أي أن أبا هريرة (رأى قومًا يتوضؤون من المطهرة) هو بكسر الميم والفتح لغةٌ فيه كل إناء يتطهر به والجمع مطاهر. اهـ مصباح. وعبارة النواوي: المطهرة كل إناء يتطهر به وهي بكسر الميم وفتحها لغتان مشهورتان، وذكرهما ابن السِّكِّيت مَن كسَرها جعلها اسم آلة ومن فتحها جعلها موضعًا يُفْعَل فيه. أن (فقال) أبو هريرة (أسبغوا الوضوء) أي أكملوه بواجباته وسننه (فإني سمعت أبا القاسم صَلَّى الله عليه وسلم يقول: ويل) أي هلكة وخيبة (للعراقيب) أي لتارك غسلها في الوضوء، والعَراقيب بفتح العين جمع عُرقوب بضمها وهي العصبة التي فوق العَقِب (من النَّار) أي من أجل عذابها لتركه الواجب الذي هو غسلها في الوضوء لأنَّه يؤدي إلى عدم صحة الوضوء المؤدي إلى عدم صحة الصَّلاة المؤدي إلى العقوبة بالنار الأخروية أعاذنا الله تعالى وجميع المسلمين منها بمنه وكرمه آمين. وعبارة المفهم هنا: والعراقيب جمع عرقوب وهو العصب الغليظ الموتر فوق عقب الإنسان، وعرقوب الدابة في رجلها بمنزلة الركبة في يدها، قال الأصمعي: وكل ذي أربع فعرقوباه في رجليه وركبتاه في يديه، ومعنى الحديث أن الأعقاب والعراقيب تعذب إن لم تعمم بالغسل. اهـ.

الصفحة 254