كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 5)

أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَل مِنْ ثَلاثةِ أَحْجَارٍ
ــ
للمستجمر أن يمس ذكره بشماله على الحجر ليسلم من الأمرين، قال القاضي: هذا إنما يتأتى في حجر ثابت في الأرض إن أمكنه أن يسترخي ذكره حتى يمسح بها فإن احتاج إلى الاستعانة باليمين أمسك الحجر بها وحرك عليها الذكر بشماله، وهذا كله تنزيه لليمين أن تُستعمل في مستقذر فإن استنجى بها أساء وصح، قال النواوي: وهذا أدب من آداب الاستنجاء، وقد أجمع العلماء على أنه منهي عن الاستنجاء باليمين ثم الجماهير على أنه نهي تنزيه وأدب لا نهي تحريم، وذهب بعض أهل الظاهر إلى أنه حرام وأشار إلى تحريمه جماعة من أصحابنا ولا تعويل على إشارتهم، قال أصحابنا: ويُستحب أن لا يستعين باليد اليمنى في شيء من أمور الاستنجاء إلا لعذر فإذا استنجى بماء صبه باليمين ومسح باليسار وإاذا استنجى بحجر فإن كان في الدُّبر مسح بيساره كان كان في القُبل وأمكنه وضع الحجر على الأرض أو بين قدميه بحيث يتأتَى مسحه أمسك الذكر بيساره ومسحه على الحجر وإن لم يمكنه ذلك واضطر إلى حمل الحجر حمله بيمينه وأمسك الذكر بيساره ومسح بها ولا يُحرك اليمنى لئلا يكون مستنجيًا بها وهذا هو الصواب ثم إن في النهي عن الاستنجاء باليمين تنبيهًا على إكرامها وصيانتها عن الأقذار ونحوها، والله أعلم. اهـ.
(أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار) أي ونهانا أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار أو ثلاث مسحات، قال النواوي: هذا نص صريح في أن استيفاء ثلاث مسحات واجب لا بد منه وهذه المسألة فيها خلاف بين العلماء فمذهبنا أنه لا بد في الاستنجاء بالحجر من إزالة عين النجاسة واستيفاء ثلاث مسحات فلو مسح مرة أو مرتين فزالت عين النجاسة وجب مسحه ثالثة وبهذا قال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو ثور، وقال مالك وداود: الواجب الإنقاء فإن حصل بحجر أجزأه وهو وجه لبعض أصحابنا والمعروف من مذهبنا ما قدمناه، قال أصحابنا: ولو استنجى بحجر له ثلاثة أحرف فمسح بكل حرف مسحة أجزأه لأن المراد المسحات ولكن الأحجار الثلاثة أفضل من حجر له ثلاثة أحرف ولو استنجى في القبل والدبر وجب ست مسحات لكل واحد ثلاث مسحات والأفضل أن يكون بستة أحجار، فإن اقتصر على حجر واحد له ستة أحرف أجزأه وكذلك الخرقة الصفيقة التي إذا مسح بها لا يصل البلل إلى الجانب الآخر يجوز أن يمسح بجانبها، قال أصحابنا: وإذا حصل الإنقاء بثلاثة أحجار فلا زيادة عليها فإن

الصفحة 319