كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 5)

وَلَكنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا".
قَال أبُو أَيوبَ: فَقَدِمْنَا الشَّامَ. فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ قَدْ بُنِيَتْ قِبَلَ
ــ
والتقدير عند إخراج غائط أو بول، قال ابن رسلان: ظاهره اختصاص النهي بخروج النجس ففي معناه دم الفصد والحجامة والحيض والقيء وغيرها، أو المعنى النهي عن كشف العورة ففي حكمه الوطء والاستحداد وغير ذلك، وقال أيضًا بعد ذلك: ويجوز عندنا معاشر الشافعية الاستقبال والاستدبار حالة الجماع في البنيان والصحراء بلا كراهة وبه قال أبو حنيفة وأحمد واختلف فيه عن مالك. اهـ. وقوله (بغائط) الخ الباء متعلقة بمحذوف حال من ضمير تستقبلوا أي لا تستقبلوا القبلة حال كونكم مقترنين بغائط أو بول.
وقد أخرج هذا الحديث الشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجه بألفاظ مختلفة، ولكن الألفاظ التي في رواية أبي داود ومسلم متقاربة (ولكن شرقوا أو غربوا) أي توجهوا إلى جهة المشرق أو المغرب لئلا يقع استقبالكم واستدباركم إلى القبلة، وهذا خطاب مختص لأهل المدينة ومَن في حكمهم من الساكنين في جهة الشمال والجنوب من الكعبة فأما من كانت قبلته إلى جهة الغرب أو الشرق فإنه ينحرف إلى الجنوب أو الشمال.
وعبارة المفهم هنا: (قوله ولكن شرقوا أو غربوا) هذا الحديث قيل لأهل المدينة ومن وراءها من أهل الشام والمغرب لأنهم إذا شَرَّقُوا أو غربوا لم يستقبلوا القبلة ولم يستدبروها، فأما من كانت الكعبة في شرق بلاده أو غربها فلا يُشَرِّق ولا يغرب إكرامًا للقبلة، واختلف أصحابنا في تعليل هذا الحكم فقيل إنه معلل بحرمة القبلة وقيل بحرمة المصلين من الملائكة، والصحيح الأول بدليل ما رواه الدارقطني مرسلًا عن طاووس مرفوعًا "إذا أتى أحدكم البراز فليكرم قبلة الله فلا يستقبلها ولا يستدبرها" رواه الدارقطني في سننه [١/ ٥٧].
(قال أبو أيوب) بالسند السابق (فقَدِمْنا) معاشر الصحابة (الشام) أي غزاةَ ففتحناها (فوجدنا) فيها (مراحيض) بفتح الميم والحاء المهملة والضاد المعجمة على زنة مصابيح، جمع مرحاض على زنة محراب، وهو مفعال من رحض إذا غسل يقال رحضت الثوب إذا غسلته فهو رحيض أي غسيل، ثم استعير للمُسْتَراح لأنه موضع غسل النجو، قال النواوي: وهو البيت المتخذ لقضاء حاجة الإنسان أي التغوط (قد بُنِيَتْ) موجهة (قِبَلَ

الصفحة 325