كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 5)

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، يَعنِي ابْنَ زُرَيعٍ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، عَنْ سُهَيلٍ، عَنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ؛ قَال: "إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ عَلَى حَاجَتِهِ، فَلَا يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَلا يَسْتَدْبِرْها"
ــ
في التقريب: ثقة من العاشرة مات سنة (٢٢١) إحدى وعشرين ومائتين، قال (حدثنا يزيد) بن زريع مصغرًا التميمي أبو معاوية البصري ثقة ثبت من (٨) مات سنة (١٨٢) روى عنه في (١٢) بابا، وأتى بالعناية في قوله (يعني ابن زريع) لما مرّ مرارًا، قال (حدثنا روح) بن القاسم التميمي العنبري أبو غياث بكسر المعجمة البصري ثقة من (٦) مات سنة (١٤١) روى عنه في (١١) بابا (عن سهيل) بن أبي صالح السمان أبي يزيد المدني صدوق من (٦) مات في خلافة المنصور، روى عنه في (١٣) بابا (عن القعقاع) بن حكيم الكناني المدني ثقة من الرابعة، روى عنه في (٥) أبواب (عن أبي صالح) ذكوان السمان المدني ثقة ثبت من الثالثة مات سنة (١٠١) روى عنه في (٨) أبواب (عن أبي هريرة) المدني. وهذا السند من ثمانياته، رجاله أربعة منهم مدنيون وثلاثة بصريون وواحد بغدادي (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا جلس أحدكم) أي أراد أن يجلس (على) موضع قضاء (حاجته) بولًا كانت أو غائطًا (فلا يستقبل) بحاجته بكسر اللام على الجزم لأنه نهي (القبلة) أي جهتها (ولا يستدبرها) احترامًا وإكرامًا لها، والحاجة لفظ خصصه العرف بالحدث الخارج، قال القاضي عياض: ففيه التجافي عن ذكر ما يقبح سماعه والكناية عنه وهو أدب الشرع وهو أيضًا عادة العرب في صونها ألسنتها عما تصان عنه الأسماع عكس ما قال المشركون "علمهم كل شيء حتى الخراءة"، قال العيني: احتج أبو حنيفة رحمه الله تعالى بهذا الحديث على عدم جواز استقبال القبلة واستدبارها بالبول والغائط سواء كان في الصحراء أو في البنيان أخذًا في ذلك بعموم الحديث انتهى، وأجاب عنه ابن رسلان بثلاثة أجوبة: أحسنها أن الغائط حقيقة في المكان الواسع، والثاني أن حقيقة الاستقبال يكون في الصحراء، والرواية الثانية عن الإمام الأعظم رحمه الله تعالى أن الاستدبار غير منهي عنه لحديث ابن عمر الآتي قريبًا "قال: لقد ارتقيت على ظهر بيتٍ لنا .. " الحديث قال الحلبي: والصحيح الأول لأنه إذا تعارض قوله صلى الله عليه وسلم وفعله رُجِّحَ القول لأن الفعل يحتمل الخصوص والعذر وغير ذلك، وكذلك إذا تعارض المحرم والمبيح رجح المحرم، انتهى، من بذل المجهود.

الصفحة 327