كتاب إعراب القرآن وبيانه (اسم الجزء: 5)
ملازم للفكر فيها مقيم على تنجزها والأصل في (الْحاجِّ) أنه شجر له شوك وما كانت هذه سبيله فهو متشبث بالأشياء كما يقول ابن جني في الخصائص، فأي شيء مر عليه اعتقله وتشبث به فسميت الحاجة به تشبيها بالشجرة ذات الشوك أي أنا مقيم عليها متمسّك بقضائها كهذه الشجرة في اجتذابها ما مرّ بها وقرب منها والحوجاء منها ومنها تصرف الفعل احتاج يحتاج احتياجا وأحوج يحوج وحاج يحوج فهو حائج.
والأرب من الأربة وهي العقدة وعقد مؤرّب: مشدد والحاجة معقودة بنفس الإنسان متردّدة على فكره، واللبانة من قولهم تلبّن بالمكان إذا أقام به ولزمه وهذا هو المعنى عينه.
وهذا بحث جليل يؤدي إذا تعورف الى معرفة معاني الكلمات وتصور مدلولاتها وقد ذكر الزجاج في أماليه عن ابن الاعرابي ان العشقة شجرة يقال لها اللبلابة تخضر ثم تدق ثم تصفر ومن ذلك اشتقاق العاشق. وفي اللغة: عشق به كفرح لصق به والعشق عشق المحب بمحبوبه أو هو افراط الحب وشدة التعلق به فأصل المعنى المادي ظاهر انقلب الى معنوي عريق الصلة بينه وبين المشتقات. وأورد الزجاج أيضا أن أصل المغازلة من الإدارة والفتل لأنه إدارة عن أمر ومنه سمي المغزل لاستدارته وسرعته في دورانه وسمي الغزال غزالا لسرعته وسميت الشمس غزالة لاستدارتها وسرعتها وأورد التعليل في الإدارة عن الأمر بقوله «ويقال غازل الكلب الظبي إذا عدا في أثره فلحقه وظفر به ثم عدل عنه، ومنه مغازلة النساء قال: كأنها يلاعبها الرجل فتطمعه في نفسها فإذا رام تقبيلها انصرفت» ثم ان الغزالة قد تكون مؤنث الغزال أيضا، وقد ورد في كلام العرب نظما ونثرا قديما وحديثا وأنكره الصفدي في شرح لامية العجم وقال: لم يسمع إلا بمعنى الشمس وقد
الصفحة 22
640