كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 5)

الحادية عشرة: لهذا الذي دلَّت عليه الأحاديث من جواز الإعانة أو الاستعانة ما قد يُعارضه، وكنَّا قد أشرنا إلى ذِكْرِه، وهو ما رواه النَّضْر بن منصور، عن أبي الجَنوب قال: رأيت علِيًّا - رضي الله عنه - يستقي ماءً لوُضوئه، فأردتُ أن أُعينه عليه، فقال: "رأيتُ عمرَ بن الخطاب - رضي الله عنه - يستقي ماءً لوُضوء، فقلت: ألا أعينُك عليه؟ قال: إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستسقي ماءً لوضوئه، فأردتُ أن أُعينَه، فقال: إِنِّي لا أحبُّ أن يعينَني على وضوئي أحدٌ" رواه الحافظ أبو بكر البزار في كتاب الطهارة من "السنن"، وقال: هذا الفعل لا نعلمه يُروى عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وأبو الجنوب لا يُعلم حدَّث عنه إلا النضرُ بن منصور، والنضر قد حدَّث عنه غيرُ واحد (¬1).
وهذا الحديث، إنما ذكرناه؛ لأنه لا يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه، ولعل الحديث الذي ذكره الفقهاء مختصرٌ من هذا.
وذكر أبو أحمد بن عدي، عن عثمان بن سعيد: قلت ليحيى بن معين: فالنضر بن منصور العَنَزِيّ تعرفه؟ روى عنه ابن أبي معشر، عن أبي الجنوب، عن علي، من هؤلاء؟ فقال: هؤلاء حمالةُ الحطب (¬2).
قلت: أبو الجنوب مسمى بعقبة بن علقمة.

الثانية عشرة: وهاهنا حديثٌ اَخرُ يدل على عدمِ استحباب الاستعانة من رواية مُطَهرِ بن الهيثم: أنبأ علقمةُ، عن أبيه أبي جمرةَ
¬__________
(¬1) تقدم تخريجه.
(¬2) انظر: "الكامل في الضعفاء" لابن عدي (7/ 23).

الصفحة 113