[من الطويل]
فلا تحرمني نائلاً عن جنابة (¬1)
أي: عندَ بعدِهِ، ولما نهى الجُنُبَ أن يقربَ مواضعَ الصلاةِ ما لم يتطهر، وُجِدَ فيه معنى البعد، وعن الشافعيِّ - رحمه الله - إنما سُمِّي جنباً من المخالطةِ، ومن كلام العربِ: أجنبَ الرجلُ، إذا خالط امرأتَه، قال بعضهم: وهذا ضدُّ المعنى الأول (¬2)، وفيه نظر؛ لأنه يجوز أن يكون اعتبرَ معنى البعد؛ بسبب كونه مخالِطاً للمرأة.
الثانية: (أوشك) بمعنى أسرع، قال أبو الحسينِ بنُ فارس في "المُجْمَل": أوشكَ فلان خروجاً من العجلة، [و] (¬3) وشكان، ما كان ذلك في معنى عجلان، وأمرٌ وشِيْكٌ، وأوشكَ يوشِكُ، قال: وسمعتُ أحمد بن طاهر بن النجمِ يقول: سمعتُ ثعلباً يقول: أوشك يوشِكُ لا غير. ابنُ السكيت، وأوشك وشاكاً: أسرع السير (¬4)، انتهى.
وقوله: يوشِك لا غير، يعني: بكسر الشين في المستقبل، ومما ذكر لنا عن بعض أكابر العلماء أنه قُرِئ عليه: يوشِك، بكسر الشين، وفي المجلس إنسان، فاعترض، وقال: يُوْشَك، فقال الشيخ:
¬__________
(¬1) صدر بيت لعلقمة بن عبدة، الفحل، كما في "ديوانه" (ص: 48)، وعجزه:
فإني امرؤ وسط القباب غريب
(¬2) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (2/ 220).
(¬3) زيادة من "ت".
(¬4) انظر: "مجمل اللغة" لابن فارس (4/ 926).