كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 5)

ضرَبه في صَاع صَدْرهِ، وصاعٌ خوجِيَّةٌ، وسيق ذلك في المجاز] (¬1)، وهذا قريب؛ لأنَّ الصَّدْرَ جامعٌ، حاوٍ لما تحته، كجَمْعِ الصَّاع؛ أي: لما يحويه، فالعلاقة الاحتواءُ والجمعُ.
وربما عُدَّ - أيضًا - في المجاز (¬2) قولهم: الرَّاعي يصوعُ إبلَه، والكَمِيُّ يصوعُ أَقْرانه، والتَّيس يصوع المَعْز، قال الشاعر [من الوافر]:
يَصُوْعُ عنوقَها أحوى زنيمٌ ... له ظَأَبٌ كَمَا صَخِبَ الغَرِيمُ (¬3)
ولعلَّ العلاقة في هذا الحوز والجمع من النواحي.
وما يقرب من هذه المادة: صوَّعَ الطارقُ موضعًا للطُّروق: هيَّأه وسوَّاه.
ويمكن أن تكون العلاقةُ التسويةَ؛ فإن الصَّاعَ يسوِّي المكيلةَ، وأمَّا التَّصَوُّع: بمعنى التفرق، يقول ذي الرُّمة [من الطَّويل]:
عَسفْتُ اعْتِسافاً دونَها كلُّ مُذْهلٍ ... تظلُّ بها الآجالُ عنِّي تَصَوَّع (¬4)
أي: تَفَرَّقُ، وكذلك انصاع: بمعنى انفتلَ راجعاً، ومرَّ مسرعاً، تقول: صِعْتُ الشيء فانصاعَ؛ أي: فرَّقْتُه فتفرَّقَ، ففي ردِّ هذا إلى
¬__________
(¬1) زيادة من "ت".
(¬2) "ت": "وربما محمد في المجاز أيضاً".
(¬3) البيت لأوس بن حجر، كما نسبه إليه ابن سيده في "المحكم" (2/ 301)، والأزهري في "تهذيب اللغة" (1/ 169)، وابن منظور في "لسان العرب" (1/ 568).
(¬4) انظر: "ديوانه" (1/ 352).

الصفحة 83