كتاب صحيح وضعيف تاريخ الطبري (اسم الجزء: 5)

أبي العباس يستأذنه في الحجّ فأذن له، فوافى الأنبار، فقال أبو مسلم: أما وجد أبو جعفر عامًا يحجّ فيه غيرَ هذا! واضطغنها عليه (١).
---------------
(١) قول الطبري: (حدثني أحمد بن زهير قال حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا مسلمة بن محارب) جزء من إسناد مركب ورجال هذا الإسناد (الجزء) بين الثقة والصدوق وهو موصول إلى الراوي المعاصر للأحداث وانظر تعليقنا بعد قليل.
ثم رجع الحديث إلى حديث الأولين، قالوا: لما صدر الناس عن الموسم نفر أبو مسلم قبل أبي جعفر فتقدمه، فأتاه كتاب أبي العباس واستخلاف أبي جعفر فكتب أبو مسلم إلى أبي جعفر يعزّيه بأمير المؤمنين ولم يهنئه بالخلافة، ولم يقم حتى يلحقه ولم يرجع فغضب أبو جعفر فقال لأبي أيوب: أكتب كتابًا غليظًا فلما أتاه كتاب أبي جعفر كتب إليه يهنئه بالخلافة فقال يزيد بن أسيد السلمي لأبي جعفر: إني أكره أن تجامعه في الطريق والناس جنده وهم له أطوع وله أهيب وليس معك أحد، فأخذ برأيه فكان يتأخر ويتقدم أبو مسلم وأمر أبو جعفر أصحابه فقدموا فاجتمعوا جميعًا وجمع سلاحهم، فما كان في عسكره إلا ستة أذرع فمضى أبو مسلم إلى الأنبار ودعا عيسى بن موسى إلى أن يبايع له، فأتى عيسى فقدم أبو جعفر فنزل الكوفة وأتاه أن عبد الله بن علي قد خلع فرجع إلى الأنبار، فدعا أبا مسلم فعقد له، وقال له: سر إلى ابن علي فقال له أبو مسلم: إن عبد الجبار بن عبد الرحمن وصالح بن الهيثم يعيباني فاحبسهما، فقال أبو جعفر: عبد الجبار على شرطي - وكان قبل على شرط أبي العباس، وصالح بن الهيثم أخو أمير المؤمنين من الرضاعة، فلم أكن لأحبسهما لظنك بهما، قال: أراهما آثر عندك مني!
فغضب أبو جعفر فقال أبو مسلم: لم أرد كل هذا.
تحدثنا عن هذا الإسناد المركب فيما سبق وهذا الخبر يبيّن أن أبا مسلم لم يخاطب المنصور بأمير المؤمنين أولًا، بل عزاه فقط ثم خاطبه بأمير المؤمنين لما أغلظ له -ولعل أبا مسلم لم يعلم بأن أبا العباس قد استخلف المنصور من بعده فكان ذلك عن غير قصد منه كما أخرج البلاذري قال وحدثني ابن الأعرابي عن المفضل قال: أتت أبا مسلم وفاة أبي العباس ولم يعلم أنه قد ولى المنصور الخلافة بعده فكتب إلى المنصور عافاك الله وامتع بك أتاني خبر وفاة أمير المؤمنين رحمه الله فبلغ مني أعظم مبلغ وأمسّه وجعًا فأعظم الله أجرك وأجر مصيبتك ورحم الله أمير المؤمنين وغفر له وجزاه بأحسن من عمله، فلما قرأ المنصور كتابه =

الصفحة 50