كتاب أحكام القرآن للجصاص ت قمحاوي (اسم الجزء: 5)
واستمخق
فَإِنْ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِمَا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قال أخبرنا ابن جريج قال أخبرنا أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أيمن مولى عروة يسئل ابْنَ عُمَرَ وَأَبُو الزُّبَيْرِ يَسْمَعُ فَقَالَ كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا قَالَ طَلَّقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَرَدَّهَا عَلَيَّ وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا وَقَالَ إذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْ أَوْ لِيُمْسِكْ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَقَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ
فَقَالَ الْمُحْتَجُّ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ رَدَّهَا عَلَيْهِ وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ لم يقع فيقال لَهُ لَيْسَ فِيمَا ذَكَرْت دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ بِالطَّلَاقِ بَلْ دَلَالَتُهُ ظَاهِرَةٌ عَلَى وُقُوعِهِ لِأَنَّهُ قَالَ وَرَدَّهَا عَلَيَّ وَهُوَ يَعْنِي الرَّجْعَةَ
وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا
يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يُبِنْهَا مِنْهُ
وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عَنْهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ وَابْنِ جبير وزيد ابن أَسْلَمَ وَمَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْهُ كُلُّهُمْ يَقُولُ فِيهِ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا حَتَّى تَطْهُرَ
وقَوْله تَعَالَى فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ يعنى به مقاربة بلوغ الأجل لا حقيقة لِأَنَّهُ لَا رَجْعَةَ بَعْدَ بُلُوغِ الْأَجَلِ الَّذِي هُوَ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهُ تَعَالَى طَلَاقَ الْمَدْخُولِ بِهَا ابْتِدَاءً إلَّا مَقْرُونًا بِذِكْرِ الرَّجْعَةِ بِقَوْلِهِ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً يَعْنِي أَنْ يَبْدُوَ لَهُ فَيُرَاجِعَهَا وَقَوْلُهُ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ قَالَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ.
بَابُ الْإِشْهَادُ عَلَى الرَّجْعَةِ أَوْ الْفُرْقَةِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ فَأَمَرَ بِالْإِشْهَادِ عَلَى الرَّجْعَةِ وَالْفُرْقَةِ أَيَّتَهمَا اخْتَارَ الزَّوْجُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وطاوس وإبراهيم وأبى قلابة أَنَّهُ إذَا رَجَعَ وَلَمْ يُشْهِدْ فَالرَّجْعَةُ صَحِيحَةٌ وَيُشْهِدُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَمَّا جُعِلَ لَهُ الْإِمْسَاكُ أَوْ الْفِرَاقُ ثُمَّ عَقَبَهُ بِذِكْرِ الْإِشْهَادِ كَانَ مَعْلُومًا وُقُوعُ الرَّجْعَةِ إذَا رَجَعَ وَجَوَازُ الْإِشْهَادِ بَعْدَهَا إذْ لَمْ يَجْعَلْ الْإِشْهَادَ شَرْطًا فِي الرَّجْعَةِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْفُقَهَاءُ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِرَاقِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ إنَّمَا هُوَ تَرْكُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَأَنَّ الْفُرْقَةَ تَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ الْإِشْهَادُ عَلَيْهَا وَيُشْهِدُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرَ الْإِشْهَادَ عَقِيبَ الْفُرْقَةِ ثُمَّ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا كَذَلِكَ الرَّجْعَةُ وَأَيْضًا لَمَّا كَانَتْ الْفُرْقَةُ حقا
الصفحة 350
384