كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

عمل الرّاوي بخلاف ما روى - بالصّحابة دون ما جاء بعدهم، ومن قاعدتهم أنّ الرّاوي أعلم بما روى، وابن عمر هو راوي الخبر , وكان يفارق إذا باع ببدنه فاتّباعه أولى من غيره.
وقالت طائفةٌ: هو معارَضٌ بعمل أهل المدينة، ونقل ابن التّين عن أشهب بأنّه مخالفٌ لعمل أهل مكّة أيضاً.
وتعقّب: بأنّه قال به ابن عمر ثمّ سعيد بن المسيّب ثمّ الزّهريّ ثمّ ابن أبي ذئبٍ كما مضى، وهؤلاء من أكابر علماء أهل المدينة في أعصارهم , ولا يُحفظ عن أحدٍ من علماء المدينة القول بخلافه سوى عن ربيعة.
وأمّا أهل مكّة فلا يُعرف أحدٌ منهم القول بخلافه، فقد سبق عن عطاءٍ وطاوسٍ وغيرهما من أهل مكّة.
وقد اشتدّ إنكار ابن عبد البرّ وابن العربيّ على من زعم من المالكيّة , أنّ مالكاً ترك العمل به لكون عمل أهل المدينة على خلافه.
قال ابن العربيّ: إنّما لَم يأخذ به مالكٌ , لأنّ وقت التّفرّق غير معلومٍ فأشبه بيوع الغرر كالملامسة.
وتعقّب: بأنّه يقول بخِيَار الشّرط ولا يحدّه بوقتٍ معيّنٍ، وما ادّعاه من الغرر موجودٌ فيه , وبأنّ الغرر في خِيَار المجلس معدومٌ , لأنّ كلاً منهما متمكّنٌ من إمضاء البيع أو فسخه بالقول أو بالفعل فلا غرر.
وقالت طائفةٌ: هو خبرُ واحدٍ فلا يعمل به إلَّا فيما تعمّ به البلوى.
ورُدّ: بأنّه مشهورٌ فيعمل به كما ادّعوا نظير ذلك في خبر القهقهة في

الصفحة 11