كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

واحتجّ الطّحاويّ بآياتٍ وأحاديث استعمل فيها المجاز , وقال: من أنكر استعمال لفظ البائع في السّائم فقد غفل عن اتّساع اللّغة.
وتعقّب: بأنّه لا يلزم من استعمال المجاز في موضعٍ طرده في كلّ موضعٍ، فالأصل من الإطلاق الحقيقة حتّى يقوم الدّليل على خلافه.
وقالوا أيضاً: وقت التّفرّق في الحديث هو ما بين قول البائع: بعتك هذا بكذا وبين قول المشتري: اشتريت، قالوا: فالمشتري بالخِيَار في قوله اشتريت أو تركه والبائع بالخِيَار إلى أن يوجب المشتري، وهكذا حكاه الطّحاويّ عن عيسى بن أبان منهم، وحكاه ابن خويزمندادٍ عن مالكٍ.
قال عيسى بن أبان: وفائدته تظهر فيما لو تفرّقا قبل القبول فإنّ القبول يتعذّر.
وتعقّب: بأنّ تسميتهما متبايعين قبل تمام العقد مجازٌ أيضاً، فأجيب: بأنّ تسميتهما متبايعين بعد تمام العقد مجازٌ أيضاً، لأنّ اسم الفاعل في الحال حقيقةٌ وفيما عداه مجازٌ، فلو كان الخِيَار بعد انعقاد البيع لكان لغير البيّعين , والحديث يردّه فتعيّن حمل التّفرّق على الكلام.
وأجيب: بأنّه إذا تعذّر الحمل على الحقيقة تعيّن المجاز، وإذا تعارض المجازان فالأقرب إلى الحقيقة أولى. وأيضاً فالمتبايعان لا يكونان متبايعين حقيقةً إلَّا في حين تعاقدهما، لكنّ عقدهما لا يتمّ إلَّا بأحد أمرين.
الأول: إمّا بإبرام العقد.

الصفحة 13