كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

الثاني: التّفرّق على ظاهر الخبر , فصحّ أنّهما متعاقدان ما داما في مجلس العقد، فعلى هذا تسميتهما متبايعين حقيقةٌ بخلاف حمل المتبايعين على المتساومين. فإنّه مجازٌ باتّفاقٍ.
وقالت طائفةٌ: التّفرّق يقع بالأقوال كقوله تعالى (وإن يتفرّقا يغن الله كلاً من سعته).
وأجيب: بأنّه سُمي بذلك لكونه يفضي إلى التّفرّق بالأبدان.
قال البيضاويّ (¬1): ومن نفى خِيَار المجلس ارتكب مجازين بحمله التّفرّق على الأقوال وحمله المتبايعين على المتساومين، وأيضاً فكلام الشّارع يصان عن الحمل عليه، لأنّه يصير تقديره إنّ المتساومين إن شاءا عقدا البيع، وإن شاءا لَم يعقداه , وهو تحصيل الحاصل , لأنّ كل أحد يعرف ذلك.
ويقال لمن زعم أنّ التّفرّق بالكلام: ما هو الكلام الذي يقع به التّفرّق، أهو الكلام الذي وقع به العقد أم غيره؟ فإن كان غيره فما هو؟ فليس بين المتعاقدين كلامٌ غيره , وإن كان هو ذلك الكلام بعينه لزم أن يكون الكلام الذي اتّفقا عليه. وتمّ بيعهما به هو الكلام الذي افترقا به وانفسخ بيعهما به. وهذا في غاية الفساد.
وقال آخرون: العمل بظاهر الحديث متعذّرٌ فيتعيّن تأويله، وبيان تعذّره أنّ المتبايعين إن اتّفقا في الفسخ أو الإمضاء لَم يثبت لواحدٍ منهما
¬__________
(¬1) هو عبدالله بن عمر الشيرازي , سبق ترجمته (1/ 191)

الصفحة 14