كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

حديث " إنّما الولاء لمن أعتق " والله أعلم.
وكأنّ البخاريّ لحَظَ هذا , فعقّب الحديث بحديث ابن عمر في النّهي عن بيع الولاء وعن هبته، فإنّه يؤخذ منه عدم اعتبار الإذن في ذلك بطريق الأولى، لأنّه إذا منع السّيّد من بيع الولاء مع ما تحصّل له من العوض ومن هبته مع ما يحصل له من المانّة بذلك. فمنعه من الإذن بغير عوضٍ ولا مانّة أولى، وهو مندرجٌ في الهبة.
قال ابن بطّالٍ: وجماعة الفقهاء على خلاف ما قال عطاء.
قال: ويحمل حديث عليّ على أنّه جرى على الغالب مثل قوله تعالى (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاقٍ) , وقد أجمعوا على أنّ قتل الولد حرامٌ. سواء خشي الإملاق أم لا، وهو منسوخٌ بحديث النّهي عن بيع الولاء وعن هبته.
وقال ابن بطّال وغيره: جاء عن عثمان جواز بيع الولاء , وكذا عن عروة، وجاء عن ميمونة جواز هبة الولاء. وكذا عن ابن عبّاس , ولعلهم لَم يبلغهم الحديث.
قلت: قد أنكر ذلك ابن مسعود في زمن عثمان , فأخرج عبد الرّزّاق عنه , أنّه كان يقول: أيبيع أحدكم نسبه؟ , ومن طريق عليّ: الولاء شعبةٌ من النّسب، ومن طريق جابر , أنّه أنكر بيع الولاء وهبته، ومن طريق عطاء , أنّ ابن عمر كان ينكره.
ومن طريق عطاء عن ابن عبّاس: لا يجوز. وسنده صحيح , ومن ثَمَّ فصّلوا في النّقل عن ابن عبّاس بين البيع والهبة.

الصفحة 449