كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

وقال ابن العربيّ: معنى " الولاء لحمة كلحمة النّسب " أنّ الله أخرجه بالحرمة إلى النّسب حكماً كما أنّ الأب أخرجه بالنّطفة إلى الوجود حسّاً , لأنّ العبد كان كالمعدوم في حقّ الأحكام لا يقضي ولا يلي ولا يشهد، فأخرجه سيّده بالحرّيّة إلى وجود هذه الأحكام من عدمها، فلمّا شابه حكم النّسب أنيط بالمعتق فلذلك جاء " إنّما الولاء لمن أعتق " وألحق برتبة النّسب فنهي عن بيعه وهبته.
وقال القرطبيّ: استدل للجمهور بحديث الباب، ووجه الدّلالة أنّه أمرٌ وجوديٌّ لا يتأتّى الانفكاك عنه كالنّسب، فكما لا تنتقل الأبوّة والجدودة فكذلك لا ينتقل الولاء، إلَّا أنّه يصحّ في الولاء جرماً يترتّب عليه من الميراث كما لو تزوّج عبدٌ معتقة آخر فولد له منها ولد , فإنّه ينعقد حرّاً لحرّيّة أمّه فيكون ولاؤه لمواليها لو مات في تلك الحالة، ولو أعتق السّيّد أباه قبل موت الولد فإنّ ولاءه ينتقل إذا مات لمعتق أبيه اتّفاقاً. انتهى.
وهذا لا يقدح في الأصل المذكور أنّ " الولاء لحمةٌ كلحمة النّسب " , لأنّ التّشبيه لا يستلزم التّسوية من كل وجهٍ.
واختلف فيمن اشترى نفسه من سيّده كالمكاتب.
فالجمهور: على أنّ ولاءه لسيّده , وقيل: لا ولاء عليه.
وفي ولاء من أعتق سائبة.

الصفحة 450