كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

واللحم المذكور وقع في بعض الشّروح أنّه كان لحم بقر.
وفيه نظرٌ. (¬1)
بل جاء عن عائشة " تصدّق على مولاتي بشاةٍ من الصّدقة " (¬2) فهو أولى أن يؤخذ به، ووقع بعد قوله " هو عليها صدقة ولنا هديّة " من رواية أبي معاوية المذكورة " فكلوه ".
قوله: (فقال: هو عليها صدقةٌ، وهو لنا منها هديّةٌ) قال ابن بطّال: إنّما كان النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لا يأكل الصّدقة لأنّها أوساخ النّاس، ولأنّ أخذ الصّدقة منزلة ضعة، والأنبياء منزّهون عن ذلك , لأنّه - صلى الله عليه وسلم - كان كما وصفه الله تعالى: (ووجدك عائلاً فأغنى) والصّدقة لا تحل للأغنياء. وهذا بخلاف الهديّة فإنّ العادة جارية بالإثابة عليها، وكذلك كان شأنه.
وفيه أنّ الصّدقة يجوز فيها تصرّف الفقير الذي أعطيها بالبيع والهديّة وغير ذلك.
¬__________
(¬1) وقع هذا في صحيح مسلم (1075) من طريق محمد بن جعفر ومعاذ كلاهما عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: وأُتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بلحم بقر. الحديث.
لكن أخرجه البخاري (6370) من حديث حفص بن غياث عن شعبة. وفيه قالت عائشة: وأهدي لها شاة، فقال: هو لها صدقة .. الحديث ".
ورواية الشاة أكثر فقد جاءت من طرق أخرى عن عائشة وابن عباس , وقد ذكر الشارح بعض الأحاديث التي صرّحت بكونها شاة , إلا أن يُحمل على أنه أُهدي لها لحم بقر وشاة جميعاً. والله أعلم
(¬2) انظر التعليق السابق.

الصفحة 465