كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

وفيه إشارة إلى أنّ أزواج النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لا تحرم عليهنّ الصّدقة كما حرمت عليه، لأنّ عائشة قبلت هديّة بريرة مع علمها بأنّها كانت صدقة عليهما، وظنّت استمرار الحكم بذلك عليها , ولهذا لَم تُقدّمها للنّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لِعلمها أنّه لا تحل له الصّدقة، وأقرّها - صلى الله عليه وسلم - على ذلك الفهم , ولكنّه بيّن لها أنّ حكم الصّدقة فيها قد تحوّل فحلَّت له - صلى الله عليه وسلم - أيضاً.
قوله: (إنما الولاء لمن أعتق) تقدّم بيان سببها مستوفىً (¬1).
وللبخاري من رواية سفيان عن منصورٍ عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة بلفظ " الولاء لمن أعطى الورق، وولي النّعمة " وقد ذكره أصحاب منصور كأبي عوانة بلفظ " إنّما الولاء لمن أعتق " وكذلك ذكره أصحاب إبراهيم كالحكم والأعمش , وأصحاب الأسود , وأصحاب عائشة. وكلّها في الكتب السّتّة.
وتفرّد الثّوريّ. وتابعه جرير عن منصور بهذا اللفظ.
فيحتمل: أن يكون منصور رواه لهما بالمعنى. وقد تفرّد الثّوريّ بزيادة قوله " وولي النّعمة ".
ومعنى قوله " أعطى الورق " أي: الثّمن، وإنّما عبّر بالورق , لأنّه الغالب، ومعنى قوله " وولي النّعمة " أعتق، ومطابقته لقوله " الولاء لمن أعتق " أنّ صحّة العتق تستدعي سبق ملكٍ , والملك يستدعي ثبوت العوض
¬__________
(¬1) انظر حديث عائشة في العمدة برقم (275)

الصفحة 466