كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

وزاد الحنابلة في رواية أنّه يجب , وبذلك قال أبو عوانة الإسفرايينيّ من الشّافعيّة. وصرّح به في " صحيحه "، ونقله المصّيصيّ في " شرح مختصر الجوينيّ " وجهاً، وهو قول داود وأتباعه.
وردّ عليهم عياض ومن تبعه بوجهين:
الوجه الأول: أنّ الآية التي احتجّوا بها خيّرت بين النّكاح والتّسرّي - يعني قوله تعالى (فواحدةً أو ما ملكت أيمانكم) قالوا: والتّسرّي ليس واجباً اتّفاقاً فيكون التّزويج غير واجب إذ لا يقع التّخيير بين واجب ومندوب.
وهذا الرّدّ متعقّب، فإنّ الذين قالوا بوجوبه قيّدوه بما إذا لَم يندفع التّوقان بالتّسرّي، فإذا لَم يندفع تعيّن التّزويج.
وقد صرّح بذلك ابن حزم فقال: وفرضٌ على كلّ قادر على الوطء إن وجد ما يتزوّج به أو يتسرّى أن يفعل أحدهما، فإن عجَزَ عن ذلك فليكثر من الصّوم، وهو قول جماعة من السّلف.
الوجه الثّاني: أنّ الواجب عندهم العقد لا الوطء، والعقد بمجرّده لا يدفع مشقّة التّوقان قال: فما ذهبوا إليه لَم يتناوله الحديث، وما تناوله الحديث لَم يذهبوا إليه.
كذا قال، وقد صرّح أكثر المخالفين بوجوب الوطء فاندفع الإيراد.
وقال ابن بطّال: احتجّ من لَم يوجبه بقوله - صلى الله عليه وسلم - " ومن لَم يستطع فعليه بالصّوم " قال: فلمّا كان الصّوم الذي هو بدله ليس بواجبٍ

الصفحة 489