كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

عبادة أو اشتغال بالعلم اشتدّت الكراهة، وقيل: الكراهة فيما إذا كان ذلك في حال العزوبة أجمع منه في حال التّزويج.
والاستحباب فيما إذا حصل به معنىً مقصوداً من كسر شهوة وإعفاف نفس وتحصين فرج ونحو ذلك.
والإباحة فيما انتفت الدّواعي والموانع. ومنهم من استمرّ بدعوى الاستحباب فيمن هذه صفته للظّواهر الواردة في التّرغيب فيه.
قال عياض: هو مندوب في حقّ كلّ من يرجى منه النّسل , ولو لَم يكن له في الوطء شهوة، لقوله - صلى الله عليه وسلم - " فإنّي مكاثر بكم " ولظواهر الحضّ على النّكاح والأمر به، وكذا في حقّ من له رغبة في نوع من الاستمتاع بالنّساء غير الوطء، فأمّا من لا ينسل , ولا أرب له في النّساء , ولا في الاستمتاع. فهذا مباح في حقّه إذا علمت المرأة بذلك ورضيت. وقد يقال: إنّه مندوب أيضاً لعموم قوله " لا رهبانيّة في الإسلام ".
وقال الغزاليّ في الإحياء: من اجتمعت له فوائد النّكاح وانتفت عنه آفاته فالمستحبّ في حقّه التّزويج، ومن لا فالتّرك له أفضل، ومن تعارض الأمر في حقّه فليجتهد ويعمل بالرّاجح.
قلت: الأحاديث الواردة في ذلك كثيرة.
فأمّا حديث " فإنّي مكاثر بكم " فصحّ من حديث أنس بلفظ " تزوّجوا الودود الولود، فإنّي مكاثر بكم يوم القيامة " أخرجه ابن حبّان، وذكره الشّافعيّ بلاغاً عن ابن عمر بلفظ " تناكحوا تكاثروا

الصفحة 491