كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

قوله: (سألوا أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن عمله في السرّ) وللبخاري " يسألون عن عبادة النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فلمّا أخبروهم كأنّهم تقالّوها , فقالوا: وأين نحن من النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -؟ قد غفر الله له ".
وقوله " تقالوها " بتشديد اللام المضمومة. أي: استقلوها، وأصل تقالّوها تقاللوها , أي: رأى كلّ منهم أنّها قليلة.
والمعنى أنّ منْ لَّم يعلم بحصول ذلك له يحتاج إلى المبالغة في العبادة عسى أن يحصل، بخلاف من حصل له، لكن قد بيّن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنّ ذلك ليس بلازمٍ، فأشار إلى هذا بأنّه أشدّهم خشية وذلك بالنّسبة لمقام العبوديّة في جانب الرّبوبيّة.
وأشار في حديث عائشة والمغيرة المتفق عليهما إلى معنىً آخر بقوله " أفلا أكون عبداً شكوراً ".
قوله: (فقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراشٍ) وللبخاري " قال أحدهم: أمّا أنا فإنّي أصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدّهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النّساء فلا أتزوّج أبداً " وهو قيد لليل لا لأُصلِّي.
وقوله " فلا أتزوّج أبداً " أكّد المُصلّي ومعتزل النّساء بالتّأبيد. ولَم يؤكّد الصّيام , لأنّه لا بدّ له من فطر الليالي. وكذا أيّام العيد.

الصفحة 497