كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

قطع , ولا ظهراً أبقى " (¬1).
قوله: (فمن رغب عن سنّتي فليس منّي) المراد بالسّنّة الطّريقة لا التي تقابل الفرض، والرّغبة عن الشّيء الإعراض عنه إلى غيره.
والمراد من ترك طريقتي وأخذ بطريقة غيري فليس منّي، ولَمَح بذلك إلى طريق الرّهبانيّة فإنّهم الذين ابتدعوا التّشديد كما وصفهم الله تعالى وقد عابهم بأنّهم ما وفّوه بما التزموه.
وطريقة النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - الحنيفيّة السّمحة , فيفطر ليتقوّى على الصّوم , وينام ليتقوّى على القيام , ويتزوّج لكسر الشّهوة وإعفاف النّفس وتكثير النّسل.
¬__________
(¬1) أخرجه البزار كما في " كشف الأستار " (1/ 74) والحاكم في " علوم الحديث " (95) والبيهقي في " الكبرى " (3/ 18) وابن الأعرابي في " معجمه " (1835) وغيرهم من طريق أبي عقيل يحيى بن المتوكل عن محمد بن سوقة عن ابن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق، ولا تبغض إلى نفسك عبادة الله، فإنَّ المنبتَّ لا أرضاً قطع، ولا ظهراً أبقى. قال الحاكم: هذا حديث غريبُ الإسناد والمتن.
قال الهيثمي في " المجمع " (1/ 62): فيه يحيى بن المتوكل أبو عقيل وهو كذاب.
وقال الحافظ السخاوي في " المقاصد " (1/ 207): وهو مما اختلف فيه على ابن سوقة في إرساله ووصله وفي رفعه ووقفه، ثم في الصحابي أهو جابر أو عائشة أو عمر , وقال الدارقطني: ليس فيها حديث ثابت، ورجَّح البخاري في " تاريخه " من حديث ابن المنكدر الارسال. ثم ذكر السخاوي شواهده. وكلّها ضعيفه فراجعه.
قال الحافظ في " الفتح " (11/ 297): المنبت , بنون ثم موحدة ثم مثناة ثقيلة. أي: الذي عطب مركوبه من شدة السير. مأخوذ من البت وهو القطع , أي: صار منقطعاً لَم يصل إلى مقصوده وفَقَدَ مركوبه الذي كان يوصله لو رفق به , وقوله: (أوغل) بكسر المعجمة من الوغول. وهو الدخول في الشيء.

الصفحة 499