كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

ووجه إيراد الحديث في أبواب النفقات (¬1) الإشارة إلى أنَّ إرضاع الأم ليس متحتماً , بل لها أن ترضع ولها أن تمتنع. فإذا امتنعت فإنَّ للأب أو الولي إرضاع الولد بالأجنبية حرةً كانت أو أمةً متبرعةً كانت أو بأجرةٍ , والاجرة تدخل في النفقة.
قال ابن بطّالٍ: كانت العرب تكره رضاع الإماء , وترغب في رضاع العربيّة لنجابة الولد، فأعلمهم النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنّه قد رضع من غير العرب وأنجب , وأنّ رضاع الإماء لا يهجّن. انتهى.
وهو معنى حسن إلَّا أنه لا يفيد الجواب عن السؤال الذي أوردتُه , وكذا قول بن المنير: أشار البخاري إلى أنَّ حرمة الرضاع تنتشر سواء كانت المرضعة حرة أم أمة. والله أعلم
قوله: (فلا تعرضنَّ) بفتح أوّله وسكون العين وكسر الرّاء بعدها معجمة ساكنة ثمّ نون على الخطاب لجماعة النّساء. وبكسر المعجمة وتشديد النّون خطاب لأمّ حبيبة وحدها، والأوّل أوجه.
وقال ابن التّين: ضبط بضمّ الضّاد في بعض الأمّهات، ولا أعلم له وجهاً لأنّه إنْ كان الخطاب لجماعة النّساء - وهو الأبين - فهو بسكون الضّاد , لأنّه فعل مستقبل مبنيّ على أصله، ولو أدخلت عليه التّأكيد فشدّدت النّون لكان تعرضنانّ لأنّه يجتمع ثلاث نونات فيفرّق
¬__________
(¬1) أي: في صحيح البخاري حيث أورده في كتاب النفقات (باب المراضع من المواليات وغيرهن)

الصفحة 516