كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

النّكاح. وقال أحمد وجماعة: يجب الوفاء بالشّرط مطلقاً.
وقد استشكل ابن دقيق العيد حمل الحديث على الشّروط التي هي من مقتضيات النّكاح.
قال: تلك الأمور لا تؤثّر الشّروط في إيجابها، فلا تشتدّ الحاجة إلى تعليق الحكم باشتراطها، وسياق الحديث يقتضي خلاف ذلك، لأنّ لفظ " أحقّ الشّروط " يقتضي أن يكون بعض الشّروط يقتضي الوفاء بها , وبعضها أشدّ اقتضاء، والشّروط هي من مقتضى العقد مستوية في وجوب الوفاء بها.
قال التّرمذيّ: وقال عليٌّ سبق شرطُ الله شرطَها، قال: وهو قول الثّوريّ وبعض أهل الكوفة، والمراد في الحديث الشّروط الجائزة لا المنهيّ عنها. انتهى
وقد اختلف عن عمر، فروى ابن وهب بإسنادٍ جيّد عن عبيد بن السّبّاق , أنّ رجلاً تزوّج امرأة فشرط لها أن لا يخرجها من دارها، فارتفعوا إلى عمر فوضع الشّرط , وقال: المرأة مع زوجها.
وروى سعيد بن منصور من طريق إسماعيل بن عبيد الله - وهو ابن أبي المهاجر - عن عبد الرّحمن بن غنمٍ قال: كنت مع عمر حيث تمسّ ركبتي ركبته. فجاءه رجل فقال: يا أمير المؤمنين تزوّجت هذه وشرطتْ لها دارها، وإنّي أجمع لأمري أو لشأني أن أنتقل إلى أرض كذا وكذا، فقال: لها شرطها. فقال الرّجل: هلك الرّجال إذ لا تشاء امرأة أن تطلِّق زوجها إلَّا طلقت. فقال عمر: المؤمنون على شروطهم

الصفحة 532