كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

ورواه صالح بن كيسان بلفظ " واليتيمة تستأمر " وكذلك رواه أبو بُرْدة عن أبي موسى ومحمّد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة. فدلَّ على أنّ المراد بالبكر اليتيمة.
قلت. وهذا لا يدفع زيادة الثّقة الحافظ بلفظ الأب، ولو قال قائل: بل المراد باليتيمة البكر لَم يدفع. وتستأمر بضمّ أوّله يدخل فيه الأب وغيره فلا تعارض بين الرّوايات.
ويبقى النّظر في أنّ الاستئمار. هل هو شرط في صحّة العقد أو مستحبّ على معنى استطابة النّفس. كما قال الشّافعيّ؟ كلٌّ من الأمرين محتمل.
واستدل به.
وهو القول الأول: على أنّ الصّغيرة الثّيّب لا إجبار عليها. لعموم كونها أحقّ بنفسها من وليّها، وعلى أنّ من زالتْ بكارتها بوطءٍ - ولو كان زناً - لا إجبار عليها لأبٍ ولا غيره لعموم قوله " الثّيّب أحقّ بنفسها ".
القول الثاني: قال أبو حنيفة: هي كالبكر، وخالفه حتّى صاحباه.
واحتجّ له: بأنّ عِلَّة الاكتفاء بسكوت البكر هو الحياء , وهو باقٍ في هذه لأنّ المسألة مفروضة فيمن زالت بكارتها بوطءٍ , لا فيمن اتّخذت الزّنا ديدناً وعادة.
وأجيب: بأنّ الحديث نصّ على أنّ الحياء يتعلق بالبكر وقابلها بالثّيّب , فدلَّ على أنّ حكمهما مختلف، وهذه ثيّب لغة وشرعاً , بدليل

الصفحة 567