كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

وأعجب منه أنّ أبا حبّان جزم به عن السّعيدين (¬1) سعيد بن المسيّب وسعيد بن جبير، ولا يعرف له سندٌ عن سعيد بن جبير في شيء من المصنّفات، وكفى قول ابن المنذر حجّة في ذلك.
وحكى ابن الجوزيّ عن داود أنّه وافق سعيد بن المسيّب على ذلك.
قال القرطبيّ: ويستفاد من الحديث على قول الجمهور أنّ الحكم يتعلق بأقلّ ما ينطلق عليه الاسم، خلافاً لمَن قال لا بدّ من حصول جميعه. وفي قوله " حتّى تذوقي عسيلته إلخ " إشعار بإمكان ذلك.
لكن قولها " ليس معه إلَّا مثل هذه الهدبة " ظاهر في تعذّر الجماع المشترط.
فأجاب الكرمانيّ: بأنّ مرادها بالهدبة التّشبيه بها في الدّقّة والرّقّة , لا في الرّخاوة وعدم الحركة واستبعد ما قال.
وسياق الخبر يعطي بأنّها شكَتْ منه عدم الانتشار، ولا يمنع من ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - " حتّى تذوقي " لأنّه علقه على الإمكان وهو جائز الوقوع، فكأنّه قال: اصبري حتّى يتأتّى منه ذلك، وإن تفارقا فلا بدّ لها من إرادة الرّجوع إلى رفاعة من زوج آخر يحصل لها منه ذلك.
واستدل بإطلاق وجود الذّوق منهما , الاشتراط على الزّوجين به حتّى لو وطئها نائمة أو مغمىً عليها لَم يكف ولو أنزل هو.
¬__________
(¬1) وقع في مطبوع الفتح (السعيد بن سعيد) وهو خطأ , والصواب ما أثبتّه , وهو تثنية سَعيد.

الصفحة 581