كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

وخُصّ من عموم حديث الباب , ما لو أرادت الثيّب أن يكمل لها السّبع , فإنّه إذا أجابها سقط حقّها من الثّلاث وقضى السّبع لغيرها، لِما أخرجه مسلم من حديث أمّ سلمة , أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا تزوّجها أقام عندها ثلاثاً , وقال: إنّه ليس بك على أهلك هوان، إن شئتِ سبّعت لك، وإن سبّعت لك سبّعت لنسائي.
وفي رواية له " إن شئتِ ثلَّثت ثمّ درت، قالت: ثلّث ".
وحكى الشّيخ أبو إسحاق في " المهذّب ": وجهين في أنّه يقضي السّبع أو الأربع المزيدة، والذي قطع به الأكثر. إن اختار السّبع قضاها كلّها , وإن أقامها بغير اختيارها قضى الأربع المزيدة.
تنبيهٌ: يكره أن يتأخّر في السّبع أو الثّلاث عن صلاة الجماعة وسائر أعمال البرّ التي كان يفعلها؛ نصّ عليه الشّافعيّ.
وقال الرّافعيّ: هذا في النّهار، وأمّا في الليل فلا، لأنّ المندوب لا يترك له الواجب، وقد قال الأصحاب: يسوّي بين الزّوجات في الخروج إلى الجماعة وفي سائر أعمال البرّ، فيخرج في ليالي الكلّ أو لا يخرج أصلاً، فإن خصّص حرم عليه، وعدّوا هذا من الأعذار في ترك الجماعة.
وقال ابن دقيق العيد: أفرط بعض الفقهاء فجعل مقامه عندها عذراً في إسقاط الجمعة، وبالغ في التّشنيع.
وأجيب: بأنّه قياس قول من يقول بوجوب المقام عندها وهو قول الشّافعيّة، ورواه ابن القاسم عن مالك، وعنه يستحبّ وهو وجه

الصفحة 590