كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

رواية جرير.
واختلف في الضّرر المنفيّ. بعد الاتّفاق على ما نقل عياض على عدم الحمل على العموم في أنواع الضّرر، وإن كان ظاهراً في الحمل على عموم الأحوال من صيغة النّفي مع التّأبيد.
وكان سبب ذلك ما أخرجه الشيخان " إنّ كلّ بني آدم يطعن الشّيطان في بطنه حين يولد " (¬1) إلَّا من استثنى. فإنّ في هذا الطّعن نوعَ ضررٍ في الجملة، مع أنّ ذلك سبب صراخه. ثمّ اختلفوا:
فقيل: المعنى لَم يسلط عليه من أجل بركة التّسمية، بل يكون من جملة العباد الذين قيل فيهم (إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطان).
ويؤيّده مرسل الحسن المذكور.
وقيل: المراد لَم يطعن في بطنه، وهو بعيد لمنابذته ظاهر الحديث المتقدّم، وليس تخصيصه بأولى من تخصيص هذا.
وقيل: المراد لَم يصرعه. وقيل: لَم يضرّه في بدنه.
وقال ابن دقيق العيد: يحتمل أن لا يضرّه في دينه أيضاً، ولكن يبعده انتفاء العصمة
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (3112) عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً: كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه بإصبعه حين يولد غير عيسى ابن مريم. ذهب يطعن فطعن في الحجاب.
وللبخاري (3248) ومسلم (2366) من وجهٍ آخر: ما من مولودٍ يولد إلَّا والشيطان يمسُّه حين يولد، فيستهلَّ صارخاً من مسِّ الشيطان إياه، إلَّا مريم وابنها. ثم يقول أبو هريرة: واقرءوا إن شئتم (وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم)

الصفحة 596