كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

وقال صاحب " مجمع الغرائب ": يحتمل أن يكون المراد أنّ المرأة إذا خلت فهي محلّ الآفة , ولا يؤمن عليها أحدٌ فليكن حموها الموت، أي: لا يجوز لأحدٍ أن يخلو بها إلَّا الموت كما قيل نعم الصّهر القبر، وهذا لائق بكمال الغيرة والحميّة.
وقال أبو عبيد: معنى قوله " الحمو الموت " أي: فليمت ولا يفعل هذا.
وتعقّبه النّوويّ فقال: هذا كلام فاسد , وإنّما المراد أنّ الخلوة بقريب الزّوج أكثر من الخلوة بغيره. والشّرّ يتوقّع منه أكثر من غيره , والفتنة به أمكن لتمكّنه من الوصول إلى المرأة والخلوة بها من غير نكير عليه بخلاف الأجنبيّ.
وقال عياض: معناه أنّ الخلوة بالأحماء مؤدّية إلى الفتنة والهلاك في الدّين , فجعله كهلاك الموت وأورد الكلام مورد التّغليظ.
وقال القرطبيّ في " المفهم ": المعنى أنّ دخول قريب الزّوج على امرأة الزّوج يشبه الموت في الاستقباح والمفسدة، أي: فهو محرّم معلوم التّحريم، وإنّما بالغ في الزّجر عنه وشبّهه بالموت لتسامح النّاس به من جهة الزّوج والزّوجة لإلْفِهم بذلك حتّى كأنّه ليس بأجنبيٍّ من المرأة , فخرج هذا مخرج قول العرب: الأسد الموت، والحرب الموت، أي: لقاؤه يفضي إلى الموت، وكذلك دخوله على المرأة قد يفضي إلى موت الدّين , أو إلى موتها بطلاقها عند غيرة الزّوج , أو إلى الرّجم إن وقعت الفاحشة.

الصفحة 603