كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

قال عياض: تفرّد بهذا مالك عن الحجازيّين، لكن مستنده الالتفات إلى قوله تعالى (أن تبتغوا بأموالكم) وبقوله (ومن لَم يستطع منكم طولاً) فإنّه يدلّ على أنّ المراد ما له بالٌ من المال , وأقلّه ما استبيح به قطع العضو المحترم.
قال: وأجازه الكافّة بما تراضى عليه الزّوجان , أو من العقد إليه بما فيه منفعة كالسّوط والنّعل إن كانت قيمته أقلّ من درهم.
وبه قال يحيى بن سعيد الأنصاريّ وأبو الزّناد وربيعة وابن أبي ذئب وغيرهم من أهل المدينة غير مالك ومن تبعه , وابن جريجٍ ومسلم بن خالد وغيرهما من أهل مكّة , والأوزاعيّ في أهل الشّام , والليث في أهل مصر , والثّوريّ وابن أبي ليلى وغيرهما من العراقيّين غير أبي حنيفة ومن تبعه , والشّافعيّ وداود وفقهاء أصحاب الحديث وابن وهب من المالكيّة.
وقال أبو حنيفة: أقلّه عشرة، وابن شبرمة أقلّه خمسة.
وقال مالكٌ: أقلّه ثلاثة أو ربع دينار. بناءً على اختلافهم في مقدار ما يجب فيه القطع.
وقد قال الدّراورديّ لمالك لَمَّا سمعه يذكر هذه المسألة: تعرّقت يا أبا عبد الله، أي: سلكت سبيل أهل العراق في قياسهم مقدار الصّداق على مقدار نصاب السّرقة
وقال القرطبيّ: استدل مَن قاسه بنصاب السّرقة. بأنّه عضو آدميّ محترم فلا يستباح بأقلّ من كذا قياساً على يد السّارق.

الصفحة 626