كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

وتعقّبه الجمهور: بأنّه قياس في مقابل النّصّ فلا يصحّ، وبأنّ اليد تقطع وتبين ولا كذلك الفرج، وبأنّ القدر المسروق يجب على السّارق ردّه مع القطع ولا كذلك الصّداق.
وقد ضعّف جماعةٌ من المالكيّة أيضاً هذا القياس.
فقال أبو الحسن اللخميّ: قياس قدر الصّداق بنصاب السّرقة ليس بالبيّن، لأنّ اليد إنّما قطعت في ربع دينار نكالاً للمعصية، والنّكاح مستباح بوجهٍ جائز، ونحوه لأبي عبد الله بن الفخّار منهم.
نعم. قوله تعالى (ومن لَم يستطع منكم طولاً) يدلّ على أنّ صداق الحرّة لا بدّ وأن يكون ما ينطلق عليه اسمُ مالٍ له قدر ليحصل الفرق بينه وبين مهر الأمة.
وأمّا قوله تعالى (أن تبتغوا بأموالكم) فإنّه يدلّ على اشتراط ما يسمّى مالاً في الجملة قلَّ أو كثر , وقد حدّه بعض المالكيّة بما تجب فيه الزّكاة، وهو أقوى من قياسه على نصاب السّرقة، وأقوى من ذلك ردّه إلى المتعارف.
وقال ابن العربيّ: وزن الخاتم من الحديد لا يساوي ربع دينار، وهو ممّا لا جواب عنه ولا عذر فيه، لكنّ المحقّقين من أصحابنا نظروا إلى قوله تعالى (ومن لَم يستطع منكم طولاً) فمنع الله القادر على الطّول من نكاح الأمة، فلو كان الطّول درهماً ما تعذّر على أحد.
ثمّ تعقّبه: بأنّ ثلاثة دراهم كذلك، يعني فلا حجّة فيه للتّحديد ولا سيّما مع الاختلاف في المراد بالطّول.

الصفحة 627