كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

واحتج الطحاوي لهم بالقياس على الطلاق فإنه يجوز بصرائحه وبكناياته مع القصد.
وفيه. جواز انعقاد نكاحه - صلى الله عليه وسلم - بلفظ الهبة دون غيره من الأمّة على أحد الوجهين للشّافعيّة، والآخر لا بدّ من لفظ النّكاح أو التّزويج.
وفيه. أنّ الإمام يزوّج من ليس لها وليّ خاصّ لمن يراه كفؤاً لها , ولكن لا بدّ من رضاها بذلك.
وقال الدّاوديّ: ليس في الخبر أنّه استأذنها , ولا أنّها وكلته , وإنّما هو من قوله تعالى (النّبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم) يعني فيكون خاصّاً به - صلى الله عليه وسلم - أنّه يزوّج من شاء من النّساء بغير استئذانها لمن شاء، وبنحوه.
قال ابن أبي زيد. وأجاب ابن بطّال: بأنّها لَمَّا قالت له " وهبت نفسي لك " كان كالإذن منها في تزويجها لمن أراد، لأنّها لا تملك حقيقة، فيصير المعنى جعلت لك أن تتصرّف في تزويجي. انتهى
ولو راجعا حديث أبي هريرة لَمَا احتاجا إلى هذا التّكلف، فإنّ فيه كما قدّمته: أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال للمرأة: إنّي أريد أن أزوّجك هذا إن رضيتِ، فقالت: ما رضيتَ لي فقد رضيتُ.
وفيه جواز تأمّل محاسن المرأة لإرادة تزويجها. وإن لَم تتقدّم الرّغبة في تزويجها ولا وقعت خطبتها، لأنّه - صلى الله عليه وسلم - صعّد فيها النّظر وصوّبه، وفي الصّيغة ما يدلّ على المبالغة في ذلك ولَم يتقدّم منه رغبة فيها ولا خطبة، ثمّ قال " لا حاجة لي في النّساء " ولو لَم يقصد أنّه إذا رأى منها

الصفحة 629