كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

، وهو كما قال.
وفيه دليل للجمهور لجواز النّكاح بالخاتم الحديد , وما هو نظير قيمته.
قال ابن العربيّ من المالكيّة كما تقدّم: لا شكّ أنّ خاتم الحديد لا يساوي ربع دينار، وهذا لا جواب عنه لأحدٍ ولا عذر فيه.
وانفصل بعض المالكيّة عن هذا الإيراد مع قوّته بأجوبةٍ:
الأول: أنّ قوله " ولو خاتماً من حديد ". خرّج مخرج المبالغة في طلب التّيسير عليه , ولَم يرد عين الخاتم الحديد , ولا قدر قيمته حقيقة، لأنّه لَمَّا قال: لا أجد شيئاً. عرف أنّه فهم أنّ المراد بالشّيء ما له قيمة , فقيل له: ولو أقلّ ما له قيمة كخاتم الحديد، ومثله " تصدّقوا ولو بظلفٍ محرّقٍ " (¬1) " ولو بفرسن شاة " (¬2) مع أنّ الظّلف والفرسن لا ينتفع به ولا يتصدّق به.
الثاني: احتمال أنّه طلب منه ما يعجّل نقده قبل الدّخول. لا أنّ
¬__________
(¬1) أخرجه مالك في الموطأ (1646) ومن طريقه الإمام أحمد (6/ 435) والنسائي في " المجتبى " (5/ 81) والبخاري في " التاريخ الكبير " (5/ 262) والطبراني في " المعجم الكبير " (555) وابن حبان في " صحيحه " (3374) والبيهقي في " السنن الكبرى " (4/ 177) والبغوي في " شرح السنة " (6/ 175) وغيرهم من طرق عن مالك عن زيد بن أسلم عن ابن بجيد الأنصاري ثم الحارثي عن جدته , أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ردُّوا المسكين ولو بظلف محرق. ولَم أره بلفظ " تصدَّقوا " وهي بمعنى
(¬2) أخرجه البخاري (2566) ومسلم (2426) من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - , قال: يا نساء المسلمات. لا تحقرن جارة لجارتها، ولو فرسن شاة "

الصفحة 634