كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

والتّرمذيّ من حديث أنس , أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - سأل رجلاً من أصحابه: يا فلان هل تزوّجت؟ قال: لا، وليس عندي ما أتزوّج به، قال: أليس معك قل هو الله أحد. الحديث.
واستدل الطّحاويّ للقول الثّاني من طريق النّظر , بأنّ النّكاح إذا وقع على مجهول كان كما لَم يسمّ فيحتاج إلى الرّجوع إلى المعلوم.
قال: والأصل المجمع عليه لو أنّ رجلاً استأجر رجلاً على أن يُعلمه سورة من القرآن بدرهمٍ لَم يصحّ , لأنّ الإجازة لا تصحّ إلَّا على عملٍ معيّن كغسل الثّوب أو وقت معيّن، والتّعليم قد لا يعلم مقدار وقته، فقد يتعلم في زمان يسير وقد يحتاج إلى زمان طويل، ولهذا لو باعه داره على أن يعلمه سورة من القرآن لَم يصحّ، قال: فإذا كان التّعليم لا تملك به الأعيان لا تملك به المنافع.
والجواب عمّا ذكره: أنّ المشروط تعليمه معيّن كما تقدّم في بعض طرقه.
وأمّا الاحتجاج بالجهل بمدّة التّعليم. فيحتمل: أن يقال اغتفر ذلك في باب الزّوجين , لأنّ الأصل استمرار عشرتهما، ولأنّ مقدار تعليم عشرين آية لا تختلف فيه أفهام النّساء غالباً، خصوصاً مع كونها عربيّة من أهل لسان الذي يتزوّجها كما تقدّم.
وانفصل بعضهم: بأنّه زوّجها إيّاه لأجل ما معه من القرآن الذي حفظه , وسكت عن المهر فيكون ثابتاً لها في ذمّته إذا أيسر كنكاح التّفويض.

الصفحة 639