كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

وإن ثبت حديث ابن عبّاس المتقدّم حيث قال فيه " فإذا رزقك الله فعوّضها " كان فيه تقوية لهذا القول، لكنّه غير ثابت.
وقال بعضهم: يحتمل أن يكون زوّجه لأجل ما حفظه من القرآن وأصدق عنه , كما كفّر عن الذي وقع على امرأته في رمضان , ويكون ذكر القرآن وتعليمه على سبيل التّحريض؛ على تعلم القرآن وتعليمه وتنويها بفضل أهله.
قالوا: وممّا يدلّ على أنّه لَم يجعل التّعليم صداقاً أنّه لَم يقع معرفة الزّوج بفهم المرأة , وهل فيها قابليّة التّعليم بسرعةٍ أو ببطءٍ؟، ونحو ذلك ممّا تتفاوت فيه الأغراض.
والجواب عن ذلك قد تقدّم في بحث الطّحاويّ.
ويؤيّد قول الجمهور: قوله - صلى الله عليه وسلم - أوّلاً: هل معك شيء تصدقها؟. ولو قصد استكشاف فضله لسأله عن نسبه وطريقته ونحو ذلك.
فإن قيل: كيف يصحّ جعل تعليمها القرآن مهراً , وقد لا تتعلم؟.
أجيب: كما يصحّ جعل تعليمها الكتابة مهراً وقد لا تتعلم، وإنّما وقع الاختلاف عند من أجاز جعل المنفعة مهراً. هل يُشترط أن يعلم حذق المتعلم , أو لا؟ كما تقدّم.
وفيه جواز كون الإجارة صداقاً. ولو كانت المصدوقة المستأجرة، فتقوم المنفعة من الإجارة مقام الصّداق، وهو قول الشّافعيّ وإسحاق والحسن بن صالح، وعند المالكيّة فيه خلاف.
ومنعه الحنفيّة في الحرّ , وأجازوه في العبد إلَّا في الإجارة في تعليم

الصفحة 640