كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

تلك السّاعة، فلم يبق إلَّا أن يكون قال لفظة منها وعبّر عنه بقيّة الرّواة بالمعنى، فمَن قال: بأنّ النّكاح ينعقد بلفظ التّمليك ثمّ احتجّ بمجيئه في هذا الحديث. إذا عورض ببقيّة الألفاظ لَم ينتهض احتجاجه، فإن جزم بأنّه هو الذي تلفّظ به النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - , ومَن قال: غيره ذكره بالمعنى. قلبه عليه مخالفه , وادّعى ضدّ دعواه , فلم يبق إلَّا التّرجيح بأمرٍ خارجيّ، ولكنّ القلب إلى ترجيح رواية التّزويج أميل , لكونها رواية الأكثرين، ولقرينة قول الرّجل الخاطب " زوّجنيها يا رسولَ الله ".انتهى
قلت: وقد تقدّم النّقل عن الدّارقطنيّ , أنّه رجّح رواية مَن قال " زوّجتكها ".
وبالغ ابن التّين. فقال. أجمع أهل الحديث على أنّ الصّحيح رواية " زوّجتكها " وأنّ رواية " ملكتكها ". وهمٌ.
وتعلَّق بعض المتأخّرين: بأنّ الذين اختلفوا في هذه اللفظة أئمّة فلولا أنّ هذه الألفاظ عندهم مترادفة ما عبّروا بها. فدلَّ على أنّ كان لفظ منها يقوم مقام الآخر عند ذلك الإمام، وهذا لا يكفي في الاحتجاج بجواز انعقاد النّكاح بكل لفظة منها، إلَّا أنّ ذلك لا يدفع مطالبتهم بدليل الحصر في اللفظين مع الاتّفاق على إيقاع الطّلاق بالكنايات بشرطها , ولا حصر في الصّريح.
وقد ذهب جمهور العلماء إلى أنّ النّكاح ينعقد بكل لفظ يدلّ عليه. وهو قول الحنفيّة والمالكيّة وإحدى الرّوايتين عن أحمد، واختلف

الصفحة 646