كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 5)

رجلٍ من بني تميم قال: كنّا نقول في الجاهليّة بالرّفاء والبنين , فلمّا جاء الإسلام علَّمنا نبيّنا , قال: قولوا بارك الله لكم وبارك فيكم وبارك عليكم.
وأخرج النّسائيّ والطّبرانيّ من طريق أخرى عن الحسن عن عقيل بن أبي طالب , أنّه قدم البصرة فتزوّج امرأة , فقالوا له: بالرّفاء والبنين، فقال: لا تقولوا هكذا , وقولوا كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اللهمّ بارك لهم وبارك عليهم.
ورجاله ثقات إلَّا أنّ الحسن لَم يسمع من عقيل فيما يُقال.
ودلَّ حديث أبي هريرة على أنّ اللفظ كان مشهوراً عندهم غالباً حتّى سمّي كلّ دعاء للمتزوّج ترفئة.
واختلف في عِلَّة النّهي عن ذلك.
فقيل: لأنّه لا حمد فيه ولا ثناء ولا ذكرٌ لله.
وقيل: لِمَا فيه من الإشارة إلى بغض البنات لتخصيص البنين بالذّكر.
وأمّا الرّفاء فمعناه الالتئام. من رفأت الثّوب ورفوته رفواً ورفاء , وهو دعاء للزّوج بالالتئام والائتلاف فلا كراهة فيه.
وقال ابن المنيّر: الذي يظهر أنّه - صلى الله عليه وسلم - كره اللفظ لِمَا فيه من موافقة الجاهليّة , لأنّهم كانوا يقولونه تفاؤلاً لا دعاء، فيظهر أنّه لو قيل للمتزوّج بصورة الدّعاء لَم يكره كأن يقول: اللهمّ ألِّف بينهما وارزقهما بنين صالحين مثلاً، أو ألَّف الله بينكما ورزقكما ولداً ذكراً. ونحو

الصفحة 658