كتاب فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (اسم الجزء: 5)

ومن فوائد الحديث: أن السنة تفسر القرآن لقوله: "فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء". فإن قال قائل: ما وجه كون هذه هي العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء.
قلنا: وجه ذلك أنه إذا طلقها في حيض فإن الحيضة التي وقع فيها الطلاق لا تحسب من العدة فيكون طلق لغير عدة، هذا واضح في الطهر الذي جامعها نقول كذلك هو لم يطلق لعدة متيقنة صحيح أنها تبدأ العدة من حين ما طلق لكنها عدة غير متيقنة كيف ذلك؟ لأنها قد تحمل من هذا الجماع فتكون عدتها بوضع الحمل وقد لا تحمل فتكون عدتها بالإقراء؛ أي: بالحيض، ونحن إلى الآن لم نتبين أنها حامل أو غير حامل يتبين ذلك إذا حاضت أو ينشأ الحمل ويتبين.
ومن فوائد الحديث: أنه يجوز للإنسان أن يطلق الحامل ولو جامعها"؛ لأنه إذا طلق الحامل طلق لعدة من حين ما يطلق تبدأ في عدتها، وأما ما اشتهر عند العامة من أن طلاق الحامل لا يقع فهذا لا أصل له ولا صحة له، ولا قال به أحد من أهل العلم.
ومن فوائد الحديث: أنه لو طلق من لا تحيض لكونها صغيرة أو آيسة فإنه لا حرج عليه ولو كان قد جامعها لماذا؟ لأنها تبدأ في العدة من حين الطلاق، الصغيرة التي لا تحيض ليس لها عدة بالحيض والآيسة كذلك عدتهما بالأشهر، إذا كانت العدة بالأشهر فإنها تبتدئ من حين الطلاق وعلى هذا دعونا نحصر إذا طلقها حائضًا أو في طهر جامعها فيه ولم يتبين حملها فهذا حرام، إذا طلقها حاملًا أو في طهر لم يجامعها فيه فهذا وهو طلاق سنة، إذا طلق من لا تحيض فهو طلاق سنة ولو كان قد جامعها؛ لأنه من حين يطلق تشرع في العدة وكذلك إذا طلق الآيسة التي بلغت سنًّا لا تحيض معه فهو طلاق سنة وتشرع في العدة من حين الطلاق.
حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحريم طلاق الحائض والنَّفساء والموطوءة في طهرها، وتحريم إيقاع الثلاث جملة.
في "الصحيحين": أن ابن عمر رضي الله عنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد ذلك، وإن شاء يطلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء".

الصفحة 10