كتاب فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (اسم الجزء: 5)

نصوص فيكون معتمدًا على هذه النصوص لكن أحيانًا يغيب عن المستدل النص أو لا يطلع عليه فيكتفي بالإجماع المعلوم القطعي ويكون هذا دليله.
وأما المقام الثاني: وهو أن الجمهور على هذا القول، فأوجدونا في الأدلة الشرعية أن قول الجمهور حجة مضافة إلى كتاب الله وسنة رسوله، وإجماع أمته.
ومن تأمل مذاهب العلماء قديمًا وحديثًا من عهد الصحابة وإلى الآن، واستقرأ أحوالهم وجدهم مجمعين على تسويغ خلاف الجمهور، ووجد لكل منهم أقوالًا عديدة انفرد بها عن الجمهور، ولا يستثنى من ذلك أحد قط، ولكن مستقلٌّ ومستكثر، فمن شئتم سميتموه من الأئمة تتبعوا ما له من الأقوال التي خالف فيها الجمهور، ولو تتبعنا ذلك وعددناه، لطال الكتاب به جدًّا، ونحن نحيلكم على الكتب المتضمنة لمذاهب العلماء واختلافهم، ومن له معرفة بمذاهبهم وطرائقهم يأخذ إجماعهم على ذلك من اختلافهم، ولكن هذا في المسائل التي يسوع فيها الاجتهاد، ولا تدفعها السنة الصحيحة الصريحة، وأما ما كان هذا سبيله، فإنهم كالمتفقين على إنكاره ورده، وهذا هو المعلوم من مذاهبهم في الموضعين.
وأما المقام الثالث: وهو دعوكم دخول الطلاق المحرم تحت نصوص الطلاق، وشمولها للنوعين إلى آخر كلامكم، فنسألكم: ما تقولون فيمن ادعى دخول أنواع البيع المحرم، والنكاح المحرم تحت نصوص البيع والنكاح، وقال: شمول الاسم للصحيح من ذلك والفاسد سواء، بل وكذلك سائر العقود المحرمة إذا ادعى دخولها تحت ألفاظ العقود الشرعية، وكذلك العبادات المحرمة المنهي عنها إذا ادعى دخولها تحت الألفاظ الشرعية، وحكم لها بالصحة لشمول الاسم لها.
البيوع" مثلنا لها مثل: بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام والغرر، أما العبادات فلو صادف يوم العيد يوم الاثنين، وقال شخص: إن النبي صلى الله عليه وسلم حثَّ على صوم يوم الإثنين فأصوم فهل يدخل في هذا؟ نقول: إن صمت لا يصح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم يوم العيد كذلك الطلاق لو طلقت في الحيض لم يقع لأن الله قال: {فطلقوهن لعدتهن}.
هل تكون" دعواه صحيحة أو باطلة؟ فإن قلتم: صحيحة ولا سبيل لكم إلى ذلك، كان قولًا معلوم الفساد بالضرورة من الدين، وإن قلتم: دعواه باطلة تركتم قولكم ورجعتم إلى ما قلناه، وان قلتم: تقيل في مواضع وترد في موضع قيل لكم: ففرقوا بفرقان صحيح مطرد منعكس،

الصفحة 23