كتاب فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (اسم الجزء: 5)
لما فيه من منافاة الأمر بالنكاح؛ لأن الأمر بالنكاح بإيجاد الزوجات والطلاق حل للزوجات وإبعاد عنهن فهو منافٍ لمقصود الشرع من طلب النكاح.
ذكر المفاسد المترتبة على الطلاق:
• يترتب على الطلاق مفاسد كثيرة:
منها: أنه قد يكون بين الزوجين أولاد فإذا طلقها تشتت الأولاد، واختلفت عليهم الحياة وصاروا مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.
ومنها: أنه ربما تكون المرأة فقيرة وأهلها فقراء ويكون الزوج في حال النكاح كافيًا لها، فإذا طلقها صارت عالة على الناس وضاقت عليها الدنيا بما رحبت.
ومنها: أن الزوجة إذا طلقت فإن الرغبة تقل فيها حتى وإن لم يكن معها أولاد فكيف إذا كان معها أولاد وحينئذٍ تبقي عانسًا ليس لها من يتزوجها وهذه مضرة عليها.
ومنها: فوات ما يترتب على الإنفاق من الزوجات من الأجر والثواب والخلف العاجل من الله عز وجل، ومفاسده كثيرة لو أردنا أن نتتبعها ولهذا كان مبغوضًا إلى الله عز وجل مع أنه أحله، وإحلاله- سبحانه وتعالى- للطلاق؛ لأن الحاجة قد تدعو إليه.
ولكن هذا الحديث في سنده اختلاف بين العلماء: هل هو مرسل أو متصل، وفي معناه أيضًا شيء من النكارة؛ لأن الحلال لا يمكن أن يكون مبغوضًا إلى الله إذ لو أبغضه الله عز وجل بما أحله، من الذي يكره الله عز وجل على أن يشرع للعباد أو يحل للعباد ما يبغضه ولو صح الحديث لكانت هذه العلة في المتن يمكن أن تتلافى، بأن يفهم البغض على عدم المحبة يعني لا يحبه لكن لا يبغضه فيكون إطلاق البغض هنا على انتفاء المحبة، هذا لو صح الحديث وإذا لم يصح فقد كفينا إياه.
ولهذا أنا أحب منكم عندما يستدل عليكم مستدلٌّ بالقرآن أن تبحثوا عن المعنى هل هو يؤيد ما ذهب إليه أم لا، أما إذا استدل عليكم بالسنة والآثار فطالبوه أولًا بصحة النقل؛ لأنه إذا عجز عن الصحة بطل دليله، ولا نحتاج أن جادله في المعنى، فإذا صح النقل فحينئذ، جادله في المعنى، وهذا هو دأب أهل العلم في المناظرة والمجادلة، وهو دأب صحيح وطريق سليم، ويذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله كثيرًا في منهاج السنة في الرد على الرافضة، يقول: أول ما نطالبكم به بيان صحة النقل أثبتوا الأصل ثم نتفاهم على الفرع، المعنى أيضًا يقتضي أن الطلاق غير مرغوب فيه للأسباب التي ذكرناها، وأظن ذكرنا أربعة في هذا الحديث، إذا صح دليل على أن الأصل في الطلاق الكراهة. وقد قسم أهل العلم الطلاق إلى خمسة أقسام، وقالوا: إنه من الأشياء التي تجري فيها الأحكام الخمسة وهي الوجوب والتحريم والكراهة والاستحباب
الصفحة 4
540