كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 5)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَجَاذَبَ الْحَضَانَةَ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ مُنْشَؤُهَا وَالْآخَرُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْحَاضِنَ عَلَيْهِ حِفْظُ الْمَحْضُونِ وَلَهُ قَبْضُ نَفَقَتِهِ وَتَحْصِيلُ مَا بِهِ قَوَامُهُ بِالنَّفَقَةِ إذَا كَانَتْ عَيْنًا وَنَحْوَهَا، وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْبَيْعِ فَلِذَا وَضَعَ الْبَيْعَ مُتَّصِلًا بِالْحَضَانَةِ فَقَالَ (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ الْبَيْعَ وَهُوَ أَوَّلُ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْمُخْتَصَرِ جَرَى مُؤَلَّفُهُ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي وَضْعِهِمْ النِّكَاحَ وَتَوَابِعَهُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ فِي الرُّبُعِ الثَّانِي مِنْهُ وَالْبَيْعَ وَتَوَابِعَهُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي وَهُوَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ الِاهْتِمَامُ بِهِ وَبِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِهِ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَالْبَلْوَى بِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابٌ الْبَيْعَ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ (قَوْلُهُ تَجَاذَبَ الْحَضَانَةَ إلَخْ) أَيْ سَحَبَتْهُمَا وَسَحَبَاهَا أَيْ طَلَبَتْهُمَا وَطَلَبَاهَا هَذَا حَقِيقَةُ اللَّفْظِ وَلَيْسَ مُرَادًا؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَ أَنَّ النِّكَاحَ طَالِبٌ لَهَا لَا مَطْلُوبٌ لَهَا وَالْبَيْعُ بِالْعَكْسِ فَإِذَنْ أَرَادَ بِهِ التَّعَلُّقَ وَالْمَعْنَى وَلَمَّا تَعَلَّقَ بِالْحَضَانَةِ أَمْرَانِ وَلَمَّا تَبَيَّنَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ النِّكَاحَ سَبَبٌ فِيهَا نَاسَبَ تَقْدِيمَهُ عَلَيْهَا، وَأَنَّ الْبَيْعَ مُسَبَّبٌ عَنْهَا نَاسَبَ تَأْخِيرُهُ (قَوْلُهُ قَوَامُهُ) بِالْفَتْحِ فِي الْقَامُوسِ وَالْقَوَامُ بِالْفَتْحِ مَا يُعَاشُ بِهِ انْتَهَى، وَيَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ بِالْكَسْرِ وَالْمَعْنَى يَتَعَلَّقُ بِهِمَا نِظَامُ الْعَالَمِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ بَعْضِ كُتُبِ اللُّغَةِ وَالْمَعْنَى عَقْدَانِ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا مَعَاشُ الْعَالَمِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ النِّكَاحَ مِنْ بَابِ الْقُوتِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَتْ عَيْنًا) أَيْ النَّفَقَةُ بِمَعْنَى الْمُنْفَقِ وَقَوْلُهُ وَنَحْوَهَا أَيْ كَالْعُرُوضِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ مَا بِهِ قَوَامُهُ وَلَا يَصِحُّ تَرْجِيعُ الضَّمِيرِ لِلتَّحْصِيلِ (قَوْلُهُ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ) ، وَأَمَّا طَرِيقَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ فَبِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ فِي الرُّبُعِ الثَّانِي) أَيْ وَأَمَّا الرُّبُعُ الْأَوَّلُ فَهُوَ رُبُعُ الْعِبَادَاتِ الصَّلَاةِ وَتَوَابِعِهَا وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَتَوَابِعِهِ وَالْحَجِّ (قَوْلُهُ وَالْبَيْعَ وَتَوَابِعَهُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي) أَيْ فِي الرُّبُعِ الْأَوَّلِ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي وَالْإِجَارَةَ وَتَوَابِعَهَا فِي الرُّبُعِ الثَّانِي مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي وَانْظُرْ مَا وَجْهُ كَوْنِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ تَوَابِعِ الْبَيْعِ دُونَ الْإِجَارَةِ وَالْحُدُودِ وَالْوَقْفِ وَالْهِبَةِ وَالْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ تَوَابِعِ الْإِجَارَةِ دُونَ الْبَيْعِ، (قَوْلُهُ وَبِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِهِ) تَوْضِيحٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ) أَيْ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ أَيْ كَثْرَةِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالْبَلْوَى) هِيَ نَفْسُ الْحَاجَةِ، وَكَانَ التَّعْبِيرُ عَنْهَا بِالْبَلْوَى إشَارَةً إلَى مَشَقَّةِ حُصُولِهِ وَمَعْنَى عُمُومِهِ
الصفحة 2
308