كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 5)

وَأَمَّا إنْ انْتَفَى الشَّرْطُ الثَّانِي فَلَا يَصِحُّ (ص) وَنَقَضَهُ الْبَائِعُ (ش) الْوَاوُ اسْتِئْنَافِيَّةٌ لَا عَاطِفَةٌ عَلَى الشُّرُوطِ وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ أَيْ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا صَحَّ الْبَيْعُ وَجَازَ إنْ نُقِضَ الْبِنَاءُ عَلَى الْبَائِعِ فَالضَّمِيرُ فِي نَقْضِهِ يَرْجِعُ لِلْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ، وَأَمَّا نَقْضُ الْعَمُودِ فَهُوَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا صَدَّرَ بِهِ الْقَرَافِيُّ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ النُّكَتِ عَنْ بَعْضِهِمْ، وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِلْقَابِسِيِّ وَعَلَى هَذَا فَضَمَانُ الْعَمُودِ فِي قَلْعِهِ مِنْ الْمُبْتَاعِ

(ص) وَهَوَاءٌ فَوْقَ هَوَاءٍ إنْ وُصِفَ الْبِنَاءُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِ أَرْضٍ بِعْنِي عَشْرَةَ أَذْرُعٍ فَوْقَ مَا تَبْنِيهِ فَوْقَ أَرْضِك إنْ وُصِفَ مُتَعَلِّقُ الْبِنَاءِ لِلْأَسْفَلِ وَلِلْأَعْلَى فَيَصِفُ كُلٌّ بِنَاءَهُ لِانْتِفَاءِ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَسْفَلِ يَرْغَبُ فِي خِفَّةِ بِنَاءِ الْأَعْلَى وَصَاحِبُ الْأَعْلَى يَرْغَبُ فِي ثِقَلِ بِنَاءِ الْأَسْفَلِ، وَيُوصَفُ الْمِرْحَاضُ وَقَنَاتُهُ وَالْمِيزَابُ وَمَصَبُّهُ فَقَوْلُهُ وَهَوَاءٌ أَيْ مِقْدَارٌ مِنْ هَوَاءٍ، وَأَمَّا الْهَوَاءُ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَهَوَاءٌ بِالْمَدِّ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَكُلُّ مُنْخَرِقٍ مَمْدُودٌ وَأَمَّا بِالْقَصْرِ فَهُوَ مَا تُحِبُّهُ النَّفْسُ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَفَرْشُ سَقْفِ الْأَسْفَلِ بِالْأَلْوَاحِ عَلَى مَنْ اشْتَرَطَ وَإِلَّا فَعَلَى الْبَائِعِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا يَجُوزُ لِمُبْتَاعِ الْهَوَاءِ بَيْعُ مَا عَلَى سَقْفِهِ إلَّا بِإِذْنِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الثِّقَلَ عَلَى حَائِطِهِ اهـ. قَالَ بَعْضٌ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ مَلَكَ مَا فَوْقَ بِنَائِهِ مِنْ الْهَوَاءِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ لِحَقِّ الْبَائِعِ فِي الثِّقَلِ إلَخْ وَمَفْهُومُ فَوْقَ هَوَاءٍ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ بِأَنْ يَبْنِيَ الْمُشْتَرِي الْأَسْفَلَ وَالْبَائِعُ الْأَعْلَى، وَيُجْبَرُ صَاحِبُ الْأَسْفَلِ عَلَى الْبِنَاءِ لِيَتَمَكَّنَ صَاحِبُ الْأَعْلَى

(ص) وَغَرْزُ جِذْعٍ فِي حَائِطٍ وَهُوَ مَضْمُونٌ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ مُدَّةً فَإِجَارَةٌ تَنْفَسِخُ بِانْهِدَامِهِ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى بَيْعٍ بَعْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ وَجَازَ مُعَاقَدَةُ غَرْزِ جِذْعٍ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ أَيْ وَجَازَتْ الْمُعَاقَدَةُ عَلَى مَوْضِعِ غَرْزِ جِذْعٍ أَيْ إدْخَالِ جِذْعٍ أَوْ جُذُوعٍ فِي حَائِطٍ لِرَجُلٍ ثُمَّ تَارَةً لَا يُعَيَّنُ فِيهِ مُدَّةٌ فَيَكُونُ بَيْعًا، وَإِذَا انْهَدَمَ الْحَائِطُ لَزِمَ الْبَائِعَ إعَادَتُهُ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ خَلَلٌ فِي مَوْضِعِ الْغَرْزِ فَإِصْلَاحُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي إذْ لَا خَلَلَ فِي الْحَائِطِ وَلَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِضَاعَةُ لِكَوْنِهِ مُغْنِيًا عَنْ قَوْلِهِ وَأُمِنَ كَسْرُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُؤْمَنْ كَسْرُهُ لَمْ تَنْتَفِ إضَاعَةُ الْمَالِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ ضَمَانَهُ مِنْ بَائِعِهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُبْتَاعُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لَكَانَ فَاسِدًا، وَذَلِكَ لِصِدْقِ الْجَوَازِ بِصُورَةٍ الْحُكْمُ فِيهَا الْمَنْعُ بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ شَرْطَ إنْ مُسْتَقْبَلٌ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا ذُكِرَ أَفَادَ الْجَوَازَ فِيمَا إذَا لَمْ يُؤْمَنْ كَسْرُهُ وَخَاطَرَ وَسَلَّمَ لِانْتِفَاءِ الْإِضَاعَةِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ إنْ انْتَفَتْ الْإِضَاعَةُ.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ انْتَفَى الشَّرْطُ الثَّانِي فَلَا يَصِحُّ) ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ اشْتَرَطَ السَّلَامَةَ خِلَافًا لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ إنَّهُ يَجُوزُ إذَا اشْتَرَطَ السَّلَامَةَ وَوَجْهُ الْمُعْتَمَدِ أَنَّ الْغَرَرَ الْمَانِعَ مَانِعٌ وَلَوْ اشْتَرَطَ فِيهِ السَّلَامَةَ (قَوْلُهُ لَا عَاطِفَةٌ) أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَى الشَّرْطِ شَرْطٌ وَنَقْضُ الْبَائِعِ لَيْسَ شَرْطًا (قَوْلُهُ فَهُوَ عَلَى الْمُشْتَرِي) وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ الشَّامِلِ أَنَّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَعَلَيْهِ فَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ رُجِّحَ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الشَّامِلِ، وَذَكَرَ عج مَا نَصُّهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَخْلِيصَ السَّيْفِ مِنْ الْحِلْيَةِ أَيْ نَقْضُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْحِلْيَةِ حَيْثُ بِيعَ السَّيْفُ عَلَى الْبَائِعِ كَمَا أَنَّ جَزَّ الصُّوفِ الَّذِي بِيعَ غَنَمُهُ وَالثَّمَرَةُ الَّتِي بِيعَ أَصْلُهَا عَلَى الْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا فَضَمَانُ الْعَمُودِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُؤْمَنَ كَسْرُهُ، وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ الْفَرْضُ أَنَّهُ أَمِنَ كَسْرَهُ عَلَى مَا قَالَتْهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ فَيُفْرَضُ أَنَّهُ حَصَلَ كَسْرٌ مِنْ عَدَمِ إتْقَانِ مَنْ يُخْرِجُ الْعَمُودَ فَهُوَ كَسْرٌ طَارَ

(قَوْلُهُ وَهَوَاءٌ فَوْقَ هَوَاءٍ) وَأَمَّا هَوَاءٌ فَوْقَ أَرْضٍ فَلَا يُشْتَرَطُ وَصْفُهُ إذْ الْأَرْضُ لَا تَتَأَثَّرُ بِذَلِكَ، وَيَمْلِكُ الْمُشْتَرِي بَاطِنَ الْأَرْضِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَحْرَى مِنْ الْمُصَنِّفِ هَوَاءٌ فَوْقَ بِنَاءٍ وَقَوْلُهُ فَوْقَ هَوَاءٍ أَيْ يَبْنِيهِ رَبُّ الْأَرْضِ لِنَفْسِهِ أَوْ يُرِيدُ غَيْرُهُ أَخْذَهُ مِنْهُ بِشِرَاءٍ مِنْهُ أَوْ إجَارَةٍ (قَوْلُهُ فَوْقَ أَرْضِكَ) أَيْ تَبْنِيهِ فَوْقَ أَرْضِكَ (قَوْلُهُ إنْ وُصِفَ مُتَعَلِّقُ الْبِنَاءِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبِنَاءَ مَصْدَرٌ، وَالْوَصْفُ إنَّمَا هُوَ لِمُتَعَلِّقِهِ مِنْ الْمَبْنِيِّ مِنْ كَوْنِهِ خَفِيفًا أَوْ ثَقِيلًا أَحْجَارًا أَوْ آجُرًّا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَقَدْ يُقَالُ الْبِنَاءُ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِي الْمَبْنَى (قَوْلُهُ وَقَنَاتُهُ) الْمَوْضِعُ الَّذِي يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ إلَى الْفَضَاءِ مَثَلًا أَوْ أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُهُ وَيَشْمَلُ الْمَخْزَنَ الَّذِي تَجْتَمِعُ فِيهِ الْفَضَلَاتُ (قَوْلُهُ مِقْدَارٌ مِنْ هَوَاءٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْفَرَاغِ أَيْ مِقْدَارٌ مِنْ الْفَرَاغِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ مِنْ الْهَوَاءِ الْفَرَاغَ، وَقَوْلُهُ وَأَمَّا الْهَوَاءُ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فِي قُوَّةِ التَّعْلِيلِ أَيْ إنَّمَا قُلْنَا مِقْدَارٌ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ ذَاتُهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ أَيْ الْفَرَاغُ بِتَمَامِهِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِتَمَامِهِ، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَانْتِفَاعٌ وَقَوْلُهُ وَالْهَوَاءُ بِالْمَدِّ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَيْ مِنْ الْفَرَاغِ؛ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِمَا نَحْنُ فِيهِ وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْفَرَاغِ وَفِي الْمِصْبَاحِ أَنَّهُ الْمُسَخَّرُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَيُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِ ذَلِكَ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَقَوْلُهُ وَكُلُّ مُنْخَرِقٍ مَمْدُودٌ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ وَمَا فِي دَاخِلِ كُلِّ مُنْخَرِقٍ مَمْدُودٌ (قَوْلُهُ وَيُفْهَمُ مِنْهُ إلَخْ) يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنَّمَا اشْتَرَى قَدْرًا مُعَيَّنًا مِنْ الْهَوَاءِ فَكَيْفَ يَمْلِكُ مَا فَوْقَهُ قُلْت كَأَنَّ الْبَائِعَ دَاخِلٌ عَلَى أَنَّهُ مَلَكَ الْمُبْتَاعُ مَا اشْتَرَاهُ وَمَا فَوْقَهُ إذْ لَوْ مُكِّنَ الْبَائِعُ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَعْلَى لَضَرَبَهُ غَالِبًا

(قَوْلُهُ وَهُوَ مَضْمُونٌ) أَيْ أَنَّ الْعَقْدَ لَازِمُ الْبَقَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْبِيدِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ حَتَّى لَوْ انْهَدَمَ الْحَائِطُ لَزِمَ رَبَّهُ إعَادَتُهُ (قَوْلُهُ فَإِجَارَةٌ) أَيْ فَإِنْ ذَكَرَ مُدَّةً فَهُوَ إجَارَةٌ أَيْ فَالْعَقْدُ وَيَصِحُّ نَصْبُهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِكَوْنٍ مَحْذُوفٍ لَكِنْ عَلَى قِلَّةٍ؛ لِأَنَّ كَانَ لَا تُحْذَفُ إذَا كَانَتْ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ إلَّا قَلِيلًا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ مُدَّةً فَمَوْضِعُ الْجِذْعِ مَبِيعٌ، وَإِذَا ذَكَرَ مُدَّةً فَمَوْضِعُ الْجِذْعِ مُؤَجَّرٌ (قَوْلُهُ أَوْ جُذُوعٍ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ (جِذْعٍ) فِي الْمُصَنِّفِ يُرَادُ مِنْهُ الْجِنْسُ

الصفحة 21