كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 5)

بَاعَ الْبَائِعُ دَارِهِ بِحَائِطِهِ أَوْ مَاتَ فَاسْتَظْهَرَ ح أَنَّ بِنَاءَ الْحَائِطِ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي إنْ عَلِمَ وَإِلَّا فَعَيْبٌ وَتَارَةً يُعَيِّنُ مُدَّةً فَتَكُونُ إجَارَةً لِمَوْضِعِ الْغَرْزِ مِنْ الْحَائِطِ تَنْفَسِخُ بِانْهِدَامِ الْحَائِطِ وَيَرْجِعُ لِلْمُحَاسَبَةِ لِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَتْ بَيْعًا فَلِمَ لَزِمَ الْبَائِعَ إعَادَةُ الْحَائِطِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ صَارَ مَمْلُوكًا لِلْمُشْتَرِي، وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنَّهُ إذَا انْهَدَمَ لَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ فَالْجَوَابُ أَنَّ مُشْتَرِيَ مَحَلِّ الْجِذْعِ بِمَثَابَةِ مَنْ اشْتَرَى عُلُوًّا عَلَى سُفْلٍ فَيَلْزَمُ صَاحِبَ الْأَسْفَلِ إعَادَتُهُ لِأَجْلِ أَنْ يَتَمَكَّنَ صَاحِبُ الْأَعْلَى بِالِانْتِفَاعِ، وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا مُعَاقَدَةً لِيَشْمَلَ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ بِدَلِيلِ التَّفْصِيلِ الَّذِي بَعْدَهُ

(ص) وَعَدَمُ حُرْمَةٍ (ش) أَيْ وَشُرِطَ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَدَمُ حُرْمَةٍ لِمِلْكِهِ أَوْ بَيْعِهِ جُمْلَةً وَهَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَعَدَمُ نَهْيٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (لَوْ لِبَعْضِهِ) لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الشُّرُوطَ السَّابِقَةَ خَاصَّةٌ بِالْجُمْلَةِ فَنَبَّهَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَرْجِعَ الْمُبَالَغَةُ لِجَمِيعِ الشُّرُوطِ فَالْمُحَرَّمُ الْمِلْكُ جُمْلَةً كَالْخَمْرِ وَالْبَيْعُ كَالْكَلْبِ وَبَعْضًا كَأَحَدِهِمَا مَعَ ثَوْبٍ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَاكَ بِالنَّهْيِ النَّهْيُ الْخَاصُّ كَالْكَلْبِ وَلَمْ يَرِدْ فِي الْخِنْزِيرِ نَهْيٌ خَاصٌّ فَأَتَى بِهَذَا لِإِخْرَاجِهِ أَوْ لِيُعْلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّهْيِ السَّابِقِ نَهْيُ تَحْرِيمٍ فَيَخْرُجُ نَهْيُ الْكَرَاهَةِ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَأَبِي الْحَسَنِ تَقْيِيدُ قَوْلِهِ وَلَوْ لِبَعْضِهِ بِمَا إذَا دَخَلَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَى ذَلِكَ ذَكَرَ ذَلِكَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ فَقَالَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ قَوْلِ التَّهْذِيبِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مَنْ ابْتَاعَ عَبْدَيْنِ فِي صَفْقَةٍ فَاسْتَحَقَّ أَحَدَهُمَا فَإِنْ كَانَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي وَإِنْ كَانَ أَقَلُّهَا لَزِمَهُ الْبَاقِي بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ اُنْظُرْ لَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ أَيْ إذَا اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ بِحُرِّيَّةٍ كَالصَّفْقَةِ إذَا جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ وَجَعَلُوا ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْعُيُوبِ فَفَرَّقُوا بَيْنَ وَجْهِ الصَّفْقَةِ وَغَيْرِهِ وَمِثْلُ هَذَا مَنْ اشْتَرَى دَارًا فَوَجَدَ بَعْضَهَا حَبْسًا أَوْ شَاتَيْنِ مَذْبُوحَتَيْنِ فَوَجَدَ إحْدَاهُمَا غَيْرَ مُذَكَّاةٍ أَوْ قُلَّتَيْ خَلٍّ فَوَجَدَ إحْدَاهُمَا خَمْرًا اهـ.

(ص) وَجَهْلٍ بِمَثْمُونٍ أَوْ ثَمَنٍ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُشْتَرَطُ فِي الْمَبِيعِ عَدَمُ الْجَهْلِ بِالْمَثْمُونِ وَالثَّمَنِ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِمَا مَعْلُومَيْنِ لِلْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ، وَإِلَّا فَسَدَ الْبَيْعُ وَجَهْلُ أَحَدِهِمَا كَجَهْلِهِمَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ يُخَيَّرُ الْجَاهِلُ وَقَوْلُهُ بِمَثْمُونٍ أَوْ ثَمَنٍ أَيْ قَدْرًا وَكَمِّيَّةً وَكَيْفِيَّةً وَصِفَةً، وَإِنَّمَا فَصَّلَ فِي هَذَا الشَّرْطِ دُونَ مَا قَبْلَهُ مِنْ الشُّرُوطِ بِأَنْ أَجْمَلَ فِيهَا لِيُعْلَمَ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَا اُشْتُرِطَ فِي أَحَدِهِمَا فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْآخَرِ أَيْ لِيُعْلَمَ أَنَّ جَمِيعَ مَا مَرَّ شَرْطٌ فِيهِمَا أَيْ فِي الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ وَلَوْ اسْتَمَرَّ عَلَى إجْمَالِهِ لَتُوُهِّمَ مِنْهُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْمَثْمُونِ فَرَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ تَفْصِيلًا) إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ ذَلِكَ مَجْهُولًا جُمْلَةً أَوْ تَفْصِيلًا وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ قَوْلُهُ (كَعَبْدَيْ رَجُلَيْنِ) لِكُلِّ وَاحِدٍ عَبْدٌ أَوْ أَحَدُهُمَا لِأَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا أَوْ مُشْتَرَكَانِ بَيْنَهُمَا عَلَى التَّفَاوُتِ كَثُلُثٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالثُّلُثَانِ مِنْ الْآخَرِ أَوْ عَكْسُهُ وَيَبِيعَانِهِمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً (بِكَذَا) فَالثَّلَاثُ فَاسِدَةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَعَيْبٌ) يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي نَقْضِ شِرَائِهِ هُوَ وَلَا كَلَامَ لَهُ فِي مَحَلِّ الْجِذْعِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ بَيْعًا) أَيْ إذَا كَانَ الْعَقْدُ عَلَى مَوْضِعِ الْجِذْعِ بَيْعًا ثُمَّ أَقُولُ إنَّ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ شَبَهَ احْتِبَاكٍ، وَكَأَنَّهُ قَالَ وَهُوَ مَضْمُونٌ فَلَا يَنْفَسِخُ وَقَوْلُهُ فَإِجَارَةٌ كَأَنَّهُ قَالَ وَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَيُفْسَخُ، وَقَوْلُهُ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ أَيْ مَوْضِعُ الْجِذْعِ وَقَوْلُهُ فَالْجَوَابُ حَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ قَوْلَك وَكَانَ الْمُنَاسِبُ مَمْنُوعٌ بَلْ الْمُنَاسِبُ كَوْنُ الْبَائِعِ يُعِيدُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ اشْتَرَى عُلُوًّا عَلَى سُفْلٍ وَلَوْ تَأَمَّلَ السَّائِلُ لَمْ يَسْأَلْ

(قَوْلُهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ إلَخْ) أَيْ فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا بِجَامِعِ أَنْ لَا فَرْقَ أَنَّ مَا سَبَقَ مِنْ الشُّرُوطِ لَيْسَ خَاصًّا بِالْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُقَالُ أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ إلَخْ (قَوْلُهُ النَّهْيُ الْخَاصُّ) بِأَنْ وَرَدَ حَدِيثٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخُصُوصِ الْكَلْبِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَرِدْ فِي الْخِنْزِيرِ نَهْيٌ خَاصٌّ بَلْ النَّهْيُ عَامٌّ يَشْمَلُهُ وَيَشْمَلُ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ وَجْهُ الْفِقْهِ. . . إلَخْ) أَقُولُ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا كَانَ النِّصْفُ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ رَدَّ الْبَاقِيَ وَأَخَذَ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ فَعَلَيْهِ رَدُّ الْبَاقِي (قَوْلُهُ اُنْظُرْ لَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَيْ اُنْظُرْ وَجْهَ عَدَمِ جَعْلِهِمْ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا كَانَ التَّقْدِيرُ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ؛ لِأَنَّهُمَا وَيُفْهَمُ مِنْ بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ (قَوْلُهُ فَفَرَّقُوا بَيْنَ وَجْهِ الصَّفْقَةِ) أَيْ فَيُرَدُّ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ هَذَا) أَيْ إذَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً يُفْسَخُ الْكُلُّ وَإِلَّا فَلَا

(قَوْلُهُ وَجَهْلٌ بِمَثْمُونٍ) أَيْ كَبَيْعٍ بِزِنَةِ حَجَرٍ مَجْهُولٍ وَقَوْلُهُ أَوْ ثَمَنٍ كَأَنْ يَقُولَ بِعْتُك بِمَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِسِعْرِ الْيَوْمِ أَوْ بِمَا يَبِيعُ بِهِ فُلَانٌ مَتَاعَهُ (قَوْلُهُ أَيْ وَمِمَّا يُشْتَرَطُ إلَخْ) وَلَا يَحْصُلُ الْفَسَادُ بِالْجَهْلِ إلَّا إذَا جَهِلَا مَعًا أَوْ جَهِلَ أَحَدُهُمَا وَعَلِمَ الْعَالِمُ بِجَهْلِ الْجَاهِلِ وَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَالِمُ بِجَهْلِ الْجَاهِلِ فَلَا فَسَادَ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فَإِذَا ادَّعَى الْجَاهِلُ عَلَى الْعَالِمِ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا يَجْهَلُهُ حَلَفَ لِرَدِّ دَعْوَاهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَفُسِخَ الْبَيْعُ إلَّا أَنَّ فِي حَاشِيَةِ الْفِيشِيِّ ضَعْفَ هَذَا التَّفْصِيلِ وَالْمُعْتَمَدُ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ أَنَّهُ يَفْسُدُ إذَا جَهِلَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَلِمَ الْعَالِمُ بِجَهْلِ الْجَاهِلِ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ وَجَهِلَ أَحَدُهُمَا) إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْبَتِّ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ فَيَجُوزُ مَعَ جَهْلِ الْمُشْتَرِي كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَغَائِبٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَمْيَّةً) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ وَصِفَةً عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ لِيَعْلَمَ) بِجَامِعٍ لَا فَارِقٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَفْصِيلًا) مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ إذَا كَانَ مَجْهُولًا جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا أَمَّا إذَا كَانَ مَجْهُولًا جُمْلَةً وَمَعْلُومًا تَفْصِيلًا لَجَازَ كَبَيْعِ الصُّبْرَةِ كُلُّ صَاعٍ بِكَذَا وَيُرِيدُ أَخْذَهَا بِتَمَامِهَا (قَوْلُهُ فَالثَّلَاثُ فَاسِدَةٌ) فَإِنْ مَضَى فَالْقِيمَةُ كَمَا قَالَ التُّونُسِيُّ ثُمَّ إنَّ هَذَا مُفِيدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَنْتَفِ الْجَهْلُ فَإِنْ انْتَفَى جَازَ كَمَا إذَا سَمَّيَا لِكُلِّ عَبْدٍ ثَمَنًا

الصفحة 22